نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146
من باب الحقيقة
المطلقة، والتسمية الصحيحة لذلك، بحسب ما يذكر القرآن الكريم هي البرزخ، وهي المرحلة
الفاصلة بين الحياتين الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ
هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
[المؤمنون: 100]
ولهذا نرى
العلماء ينبهون كل حين إلى أن المراد بالقبر هي حياة البرزخ، لا القبر في حد ذاته،
كما قال قال النووي: (لا يمنع من سؤال الملكين وعذاب القبر كون الميت قد تفرقت
أجزاؤه، كما نشاهد في العادة، أو أكلته السباع أو حيتان البحر أو نحو ذلك، فكما أن
الله تعالى يعيده للحشر، وهو سبحانه وتعالى قادر على ذلك، فكذا يعيد الحياة إلى
جزءٍ منه أو أجزاءٍ وإن أكلته السباع والحيتان، فإن قيل: فنحن نشاهد الميت على
حاله في قبره، فكيف يسأل ويقعد ويضرب بمطارق من حديد ولا يظهر له أثر؟! فالجواب أن
ذلك غير ممتنعٍ، بل له نظير في العادة، وهو النائم، فإنه يجد لذةً وآلامًا لا نحس
نحن شيئًا منها، وكذا يجد اليقظان لذةً وآلمًا لما يسمعه أو يفكر فيه ولا يشاهد
ذلك جليسه منه، وكذا كان جبرائيل يأتي النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
فيخبره بالوحي الكريم ولا يدركه الحاضرون، وكل هذا ظاهر جلي، وأما ضربه بالمطارق
فلا يمتنع أن يوسع له في قبره فيقعد ويضرب)[1]
والمؤمن الذي
يؤمن بالغيب، وبقدرة الله المطلقة، لا يتساءل عن الكيفية؛ فذلك لله تعالى، وعقولنا
أقصر من أن تعرف حقيقة عالم الغيب، بل هي أقصر من أن تعرف عالم الشهادة، ولكن مع
ذلك حاول العلماء أن يبسطوا هذا المعنى، ويقربوه خاصة لأولئك الذين يذكرون أنهم
يرون الموتى بصورة عادية، ولا يرون أي آثار