ومنهم (رجال الماء) وهم ـ كما يذكر ابن عربي ـ (قوم يعبدون اللَّه
في قعور البحار والأنهار، لا يعلم بهم كل أحد. أخبرنى أبو البدر التماشكى
البغدادي- وكان صدوقا، ثقة، عارفا بما ينقل، ضابطا حافظا لما ينقل- عن الشيخ أبى
السعود بن الشبل، إمام وقته في الطريق، قال: كنت بشاطئ دجلة بغداد، فخطر في نفسى:
هل لله عباد يعبدونه في الماء؟ قال: فما استتممت الخاطر إلا وإذا بالنهر قد انفلق
عن رجل، فسلم على وقال: نعم يا أبا السعود! لله رجال يعبدون الله في الماء، وأنا
منهم! أنا رجل تكريت، وقد خرجت منها لأنه بعد كذا وكذا يوما، يقع فيها كذا وكذا-
يذكر أمرا يحدث فيها. ثم غاب في الماء. فلما انقضت خمسة عشر يوما وقع ذلك الأمر
على صورة ما ذكره ذلك الرجل لأبى السعود، وأعلمنى بالأمر ما كان)[2]
وهكذا يستمر
ابن عربي في ذكر الأولياء وأنواعهم وأوصافهم ومهامهم.. لا المرتبطة بهداية الخلق،
والدعوة إلى الصراط المستقيم وخلافة النبوة.. وإنما يضع لهم مهام غريبة جدا، لم
يدل عليها لا الكتاب ولا السنة ولا العقل.
وبذلك تحولت
الولاية من التحقق والتخلق بالمعاني القرآنية إلى معان جديدة مملوءة بالألغاز..
وقد كان لهذا
الطرح والتشويه لقيمة الولاية أثره الخطير في واقعنا وتراثنا، حيث أصبح وسيلة من
وسائل النصب والاحتيال بأسماء مختلفة، كلها تعود إلى ذلك الموروث الذي وضع في محل
العصمة والقداسة، فلا ينقد، ولا يطالب بتصحيحه.. والويل لمن يفعل ذلك.