الصخرة التي
كانت تجثم على صدره، وهو ينادي أحد أحد.. ولا أحد يعرف المصير الذي صار إليه، ولا
الحياة التي عاشها بعد وفاة حبيبه رسول الله a.
ولا أحد يذكر
سمية تلك التي كانت أول شهيدة في الإسلام.. ولا أحد يذكر زوجها ياسر الذي كان أول
الرجال استشهادا في سبيل الله.. ولا أحد يذكر ابنهما عمارا.. لأن ذكره سيشوه
الطلقاء، وسيقلب صفحاتهم المنتنة، وسيبعث في جماهير المغفلين السؤال عمن قتله، ولم
قتله، وكيف قتله؟ وكل ذلك سيحول الطلقاء من صحابة أجلاء إلى ظلمة وطواغيت.
ولا أحد يذكر
لبينة جارية بني المؤمل المستضعفة المعذبة[1]، وقد كانت من السابقين إلى الإسلام،
وأوذيت إيذاء شديدا.. لأن في ذكرهم لها ولكيفية تعذيبها إحراجا كبيرا لمن قدمناهم
بأهوائنا وأذواقنا ومعاييرنا البشرية القاصرة.
ولا أحد يذكر
أم عبيس، وهي أمة لبني زهرة[2]، كانت قريش ـ التي صرنا نعظمها ـ تعذبها
عذابا شديدا هي وزوجها أبو عبيس.. ولا زلنا إلى الآن نجهل نسبهما كما نجهل كل ما
يرتبط بهما.
ولا أحد يذكر
النهدية تلك الجارية اليمنية المستضعفة التي كانت من السابقين إلى الإسلام، فكانت
سيدتها تعذبها، وتقول: والله لا أقلعت عنك[3].. وهكذا كان حال ابنتها التي عذبت معها،
ولا نزال إلى الآن لا نعرف اسمها ولا اسم ابنتها، ولا أي تفاصيل عنها في نفس الوقت
الذي نعرف فيه أنساب الطلقاء، ونعتز بها.