مسجد من
المساجد، ولكم أن تحكموا عليه بما شئتم.. لكن فقط.. لا تخضعوا للعقل الجمعي في
أحكامكم.. بل انطلقوا من كتاب الله تعالى الذي فرق بين مساجد الضرار ومساجد
التقوى.. فجعل للأولى الفرقة والفتنة والتضليل والتشويه.. وجعل للثانية الوحدة
والسلام والطمأنينة والسكينة.
وتبدأ قصتي
مع ذلك المسجد من سفر حملت فيه بعض أهلي للتداوي.. وقد كان مرضه شديدا، والحمى
تغرز فيه أنيابها السامة لتجعله يتلظى من حرها وسمها.. لكني لورعي الشديد،
والممتلئ بالبرودة، وبعد مروري ببعض المساجد، وسماعي لآذانها، طلبت من السائق أن
يتوقف بنا لأداء الصلاة، لنكمل بعدها مسيرنا للمستشفى.
وقد كان في
نيتي أن أدخل، وأصلي مباشرة من دون انتظار الجماعة.. لكن الأمر بعد دخولي إلى
المسجد خرج من يدي، وأصبح في يد أولئك الذين لست أدري ما أسميهم.
فبعد أدائي
والسائق للصلاة فرادى، وعزمنا على الخروج، لاقانا رجل من الذين تعرفون.. لست أدري
هل كلفته إدارة المسجد بالحجابة.. أم أنه تولى ذلك تطوعا، فقد لاقانا، وقال لنا
بلغة غليظة: إلى أين.. الصلاة لم تقم بعد؟
قلت: لقد
صليناها فرادى.. ونحن الآن مستعجلون.. نريد الخروج.
أوقفنا،
وقال: يا أخي.. هذا لا يصح.. ما بالكم.. ألم تقرؤوا كتب الفقه.. ألم تسمعوا إلى
المشايخ.. بعد سماع الآذان لا يحق لكم أن تخرجوا من المسجد إلا بعد أداء صلاة
الجماعة فيه؟
قال ذلك، ثم
أخرج لنا مطوية، وراح يقرأ لنا فتاوى العلماء في ذلك.. لكنني تجرأت، وقلت: ولكن..
فقاطعني بغضب
شديد، وقال: يا الله.. هل هناك من يعقب على أحكام الشريعة..