حنيفة وأمثاله، ووقوع الاشتباه في كثير
من مذاهب أئمتنا عليهم السلام، وبعد فليس يجري مذاهب من قوله حجة في العلم بها
مجرى مذاهب من ليس قوله بحجة، ولهذا لانعرف بمذاهب النبي صلى الله عليه وآله وأهل
بيته في كثير من أحكام الشريعة كما نعلم مذاهب كثير من أصحابه فيها، وكما نعلم
مذاهب أبي حنيفة والشافعي في تلك المسائل، والعلة في ذلك ما أشرنا إليه)[1]
انطلاقا من هذا فإن الفقه المقاصدي لا
يمكنه أن يؤدي غرضه في البحث عن الحلول للمشكلات المختلفة التي تعترض حياتنا
الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وهو يعزل هذا المكون الكبير من
مكونات الأمة.
وقد أقر بهذا كبار العلماء المحققين من
المعاصرين، والذين اضطروا لأن يأخذوا بأقوال الشيعة في مسائل مهمة لها صلتها
الكبرى بتحقيق مقاصد الشريعة.
ومن الأمثلة على ذلك ما أفتى به الكثير
من المعاصرين ـ لتضييق دائرة الطلاق، والحفاظ على الأسرة ـ من اشتراط الإشهاد
لوقوع الطلاق.
وقد ذكر محمد عبده هذا، وبين مصدره
الشيعي محترما له، فقال: (فلم لا يجوز ومع ظهور الفساد في الأخلاق والضعف في
العقول وعدم المبالاة بالمقاصد، أن يؤخذ بقول بعض الأئمة من أن الاستشهاد شرط في
صحة الطلاق كما هو شرط صحة الزواج، كما ذكره الطبرسي، وكما تشير الآية في سورة
الطلاق حيث جاء في آخرها: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾
[الطلاق: 2] ؟. أليس هذا أمرا صريحا بالاستشهاد يشمل كل ما أتى قبله من طلاق ورجعة
وإمساك وفراق ؟ لم لا نقرر أن وجود الشهود وقت الطلاق ركن بدونه لا يكون الطلاق صحيحا،
فيمتنع بهذه الطريقة هذا النوع الكثير الوقوع من الطلاق