المشكلة الكبرى التي يعاني منها المتشددون هو عدم قراءتهم للقرآن، أو عدم
تدبرهم له، وإلا فلو أنهم قرؤوه، وتدبروه، وحاولوا أن يعيشوا القيم السامية التي
يحملها، لخففوا الكثير من غلوائهم وتشددهم، ولتواضعوا لله، ولخلق الله.
وسأضرب مثالا على ذلك هنا ورد في القرآن في مواضع متعددة، وبأساليب مختلفة،
لتتكرر قراءته، وتتقرر معانيه، وتترسخ.. وهو قوله تعالى في قصة آدم عليه السلام،
ورفض إبليس السجود، وقوله حينذاك مخاطبا ربه: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: 12]
لقد تكرر هذا المشهد أمامي مرات كثيرة جدا.. كان إبليس البشري، بل المتدين،
يعود فيها كل مرة، ليرفض السجود، ويتعلل بنفس المبدأ، مبدأ الخيرية التي صنعها
بهواه.. لا الخيرية التي يزكي بها الله من شاء من عباده.
وقع المشهد على كوكب الأرض، وفي شركة صناعية فيها، وقد دعيت إلى الحضور
باعتباري شاهدا، وقد كان ذلك فرصة لي لتسجيل هذا الحوار الجديد.
في البداية صعدت امرأة إلى المنصة، وراحت تذكر مشاريعها التي تريد أن تقوم
بها في صالح الشركة في حال انتخابها.. وكانت مشاريع كثيرة جدا.. وقد سئلت عن مدى
واقعيتها، فذكرت التفاصيل الدقيقة الكثيرة التي برهنت على أنها مقتدرة، وأن فيها
من الكفاءة والنزاهة والإخلاص ما يتيح لها الحق في الترشح.. وقد تعجبت من قوة
ذاكرتها، وحفظها للأرقام الكثيرة، وتعجبت أكثر من حضور بديهتها، فهي تجيب عن كل ما
تسأل عنه بسرعة، وكأنها كانت تعلم الأسئلة مسبقا.. وتعلم الإجابة عنها.
لا أخفي عليكم أني أعجبت بها كثيرا.. فقد كان لها من القدرات ما يسمح لها
بتولي ذلك المنصب الخطير.. لكني مع ذلك لم أستعجل في الحكم لها، فقد يكون للمترشح
الثاني