عندما كنت أقرأ قوله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24] كنت أتوهم بسبب حسن نيتي أن
الآية الكريمة نزلت في قريش أو من حالفهم من قبائل العرب.. أو من أعلنوا العداوة
بعد ذلك لرسول الله من
اليهود..
لم أكن أعلم أبدا أن قريشا وغطفان وبني قريضة وبني النظير لا زالوا موجودين
في كل عصر.. وأن أخطرهم من يحتكر القرآن، ويتصور أنه الوصي عليه.. وأن كل فهم لا
يمر على منخاله هرطقة وزندقة وضلالة.
إلى أن عشت الواقع العملي بعد أن خرجت من البرج العاجي الجميل الذي كنت أعيش
فيه.. والذي كنت لا أتصور النفاق أو الجهل أو الضلالة إلا في تلك القبائل المحدودة
التي واجهت رسول الله وأعلنت حربها عليه.
وكانت بداية ذلك صدمة أصابتني في مقاتلي.. سأحكي لكم عنها لتعرفوا الواقع
كما عرفته..
في ذلك اليوم دعينا إلى اجتماع بالمجلس العلمي لوزارة الأوقاف في بلد من
البلاد الإسلامية، وكان الهدف منه هو تقييم المقالات المقدمة لطلب المشاركة في
مؤتمر إسلامي كبير يقام في بعض الجامعات الأوروبية، ويهدف إلى تعريف الغرب بالقرآن
الكريم، وبالحقائق العظيمة التي يحويها.
وقد أخبرونا أن وسائل الإعلام الغربية ستنقل المؤتمر مباشرة على الهواء في
الكثير من القنوات الفضائية، ومترجما باللغات المختلفة.
كانت فرصة عظيمة شعرت بمنة الله علي فيها، فلعلي أستطيع أن أزكي مقالة أو
مقالتين صالحتين قد تكونان سببا لهداية الكثير من الناس.. وخاصة في الغرب الذي
يعرض له الإسلام دائما على أنه دين تخلف ورجعية وعنف وغير ذلك.