نام کتاب : شيخ الإسلام في قفص الاتهام نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 319
والخندق،
وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين. ثم
لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا. وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين
يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا، أو اليهود، وإنما العيد شريعة،
فما شرعه الله اتبع. وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه)[1]
كان في
إمكانه – سيدي القاضي – أن يذكر هنا الاستدلال الذي ذكره عندما راح يرشد المسلمين إلى كتب
اليهود، ليتعرفوا أكثر على صورة إلههم وأنواع تصرفاته، فقال: (ومما يوضح الأمر في
ذلك أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قد ظهر وانتشر ما
أخبر به من تبديل أهل الكتاب وتحريفهم وما أظهر من عيوبهم وذنوبهم وتنزيهه لله عما
وصفوه به من النقائص والعيوب كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران:
181] وقوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾
[المائدة: 64]، فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه
وتجسيم - فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات
الجهة وتكلم الله بالصوت وخلق آدم على صورته وأمثال هذه الأمور- فإن كان هذا مما
كذبته اليهود وبدلته كان إنكار النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
لذلك وبيان ذلك أولى من ذكر ما هو دون ذلك، فكيف والمنصوص عنه موافق للمنصوص في
التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما
ذكر في التوراة..)[2]
كان في
إمكانه أن يقول هنا أيضا: لو أن هذه الأعياد محرمة ومبتدعة لنبه القرآن عليها،
وحذر منها.. لكن بما أنه لم يفعل، فلا حرج فيها.. لكنه لم يفعل، لأن دينه يبنيه
على مزاجه لا على ما تقتضيه الحقائق التي تنطق بها النصوص المقدسة.
قال القاضي:
فهل استدل بغير هذا؟
[1]
اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/ 123).