ويقول في
موضع آخر: (أما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فللناس فيه نزاع، هل هو
ثابت بالعقل أو بالسمع؟ ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم
هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها؟ أم لا يجب القول بالعصمة إلا في
التبليغ فقط؟ وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أم لا: والكلام على هذا
مبسوط في غير هذا الموضع.. والقول الذي عليه جمهور الناس، وهو الموافق للآثار
المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا، والرد على من يقول
إنه يجوز إقرارهم عليها، وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل على هذا القول)[2]
أرأيت سيدي
أبلغ من هذا التصريح.. إنه يجوز عليهم كل أنواع الذنوب.. وهي تشمل الصغائر
والكبائر حتى الكفر نفسه.
قال القاضي:
أنا معك في كون الذنوب تشمل الصغائر والكبائر.. لكني أريد دليلا أصرح في رميه
الأنبياء بالكفر قبل نزول الوحي عليهم.
قال الخليلي:
لقد صرح بذلك في مواضع من كتبه، منها ما ورد في مجموع الفتاوى، والتي قدم لها
بقوله: (هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ
فيها، ومنها قوله: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا
مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا﴾ [الأعراف: 88]
الآية وما في معناها)[3]
ثم راح يبرز
قدراته الاستنباطية في هذا الجانب، فقال: (التحقيق: أن الله سبحانه إنما يصطفي
لرسالته من كان خيار قومه حتى في النسب كما في حديث هرقل. ومن نشأ بين قوم