قد يستغرب البعض هذا العنوان، ويتساءل
متعجبا أو متهما أو ساخرا: كيف تكفر السلفية السلفية؟.. وهل السلفية إلا شيء
واحد؟.. وهل يمكن للواحد أن ينقسم على نفسه؟.. وهل يمكن للواحد أن يتصارع مع نفسه؟
وهذا سؤال وجيه، والإجابة عليه تحل
إشكالات كثيرة، وتفضح مكرا خفيا يقوم به من يدافع عن السلفية في قضايا التكفير
وغيرها من القضايا..
ذلك أن هذا اللقب [السلفية] تتنازعه
قديما وحديثا الكثير من الشخصيات والمدارس والتوجهات، والصراع بينها شديد جدا، ولا
يقل عن صراعها مع سائر المدارس، بل وصل الصراع إلى حد التكفير.. فالسلفية يكفر
بعضهم بعضا إما على منهج التكفير المطلق، وإما على منهج التكفير المعين.. وبذلك
فإننا لو طبقنا تلك المقاييس التي طبقناها على سائر المدارس الإسلامية، فلن يبقى
سلفي في الدنيا إلا وأصابته سهام التكفير، لا من لدن أصحاب المدارس الأخرى التي
يكفرها، وإنما من لدن زملائه في المدرسة السلفية الذين يتفق معهم على أكثر العقائد
السلفية، ويتفق معهم على اعتبار ابن تيمية شيخا للإسلام، واعتبار ابن عبد الوهاب مجددا
له.
وهذا الخلاف السلفي السلفي ليس مجرد
كلمات قد نجتهد في البحث عن مظانها، وليس مجرد تلميحات قد نجتهد في البحث عن
تفسيرها.. وإنما تمثله ثروة كبيرة من الكتب والرسائل التي نجد فيها من الصراحة
والوضوح ما لا يحتاج معه الباحث لأي عناء أو تكلف..
فكما أن كل سلفي كتب في الرد على الجهمية
والمعطلة والصوفية والشيعة.. فكذلك نجد له كتابات في الرد على الجامية أو المداخلة
أو الحدادية أو السرورية أو الحزبية أو