وهكذا نجده في مواقفه من
الكثير من المصطلحات الصوفية التي شنع عليها المتأخرون، وكفروا كل من يتحدث بها أو
عنها من أمثال الفناء والبقاء والجمعية وغيرها.
وقد كان ذلك مدعاة لانتقادات
المتأخرين مثلما فعل الشيخ محمد جميل غازي حين قدم لكتاب [الصوفية والفقراء] لابن
تيمية، فاستنكر أشياء عليه كذكر ابن تيمية أن الصوفية يريدون مقام الصديقية [1]، فراح ينتقده في ذلك انتقادا
شديدا مبينا أنهم ليسوا كذلك وأنهم أنهم أهل الزندقة، والحلول والاتحاد، ووصفهم
بأنهم أهل المروق والفرقة والبدعة.
ومن أمثلة هذه المواقف اللينة
التي أطلقها ابن تيمية تجاه أعلام الصوفية ـ وخصوصا المتقدمين منهم ـ قوله في [مجموع
الفتاوى]: (فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض،
وإِبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد
بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ حماد،
والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوِّغون للسالك ولو طار في
الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يفعل
المأمور، ويدع المحظور إِلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة
وإِجماع السلف وهذا كثير في كلامهم)[2]
وقال: (وأما أئمة الصوفية والمشايخ
المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد وأتباعه ومثل الشيخ عبد القادر وأمثاله
فهؤلاء من أعظم الناس لزوماً للأمروالنهي