والجاد والخائف، إلا المكره.
وكلها من أعظم ما يكون خطراً، ومن أكثر ما يكون وقوعاً)[1]
فهذا ما يتصوره الشيخ ابن عبد
الوهاب وأتباعه من نواقض الإسلام، والأخطر مما ذكرنا من المكفرات هو ما ورد فيها
من عبارات غامضة وأحكام مطلقة، تجعل لكل من يشاء أن يكفر أحدا أن يستخدمها بسهولة،
ولعله لأجل هذا خرجت الحركات التكفيرية من رحم الوهابية.
وكمثال على ذلك نرى الشيخ ابن
عبد الوهاب يربط بين الذبح الذي لا يقصد به إشراك أحد في عبادة غير الله، بالشرك
بالله مع أنه قد يكون عادة جرت أن يذبح في مكان ولي للبركة، وليس للتعبد، ثم يوزع
لحم الذبيحة على الفقراء، وهذا ما جرى به العمل في العالم الإسلامي، بما فيها
الجزائر، والتي كانت تسمى (زردة)، ولقبها علماء الجمعية بـ (أعراس الشيطان)
وهكذا الأمر بالنسبة لما ذكره
في الناقض الثاني، فهو يعتبر (الواسطيّة) وكأنها شرك يزاحم الله تعالى، مع أن
المسلم إنما يرجو نيل شفاعة نبيه a، كما في أحاديث مستفيضة عن شفاعته a للعصاة من أمته يوم القيامة، وكقوله
تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ
الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ
تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64]، فالآية
الكريمة لا تقف عند المعنى الظاهر في ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ [النساء: 64]، لوجود آية أخرى صريحة: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا
اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135]، ولكن ضمّ استغفار
الرسول a للقوم الذين أرادوا التوبة
رجاء لقبولها من الله. وهناك مواقف عديدة لجأ فيها الصحابة لبعضهم في مواقف شديدة
طلباً لتحقيق أمر أو نزول بركة أو رحمة من
[1] موسوعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص 385 ـ 387.