هذا هو السبب الأول، وهو
مرتبط بالاشتراك اللفظي بين المصطلحين: الفلسفي والصوفي مع أن لكل منهما دلالته
الخاصة.
وأما الثاني فمرتبط باشتراك
لفظي آخر.. ليس بين الصوفية والفلاسفة.. وإنما بين الصوفية والمتكلمين، وقد وضحه
الشيخ عبد الحليم محمود بقوله: (وشيء آخر في غاية الأهمية، كان له أثر كبير في
الخطأ في فهم فكرة الصوفية عن الوجود الواحد، وهو أن الإمام الأشعري رأي في فلسفته
الكلامية أن الوجود هو عين الموجود، ولم يوافقه الكثير من الصوفية على هذه الفكرة
الفلسفية. ولم يوافقه الكثير من مفكري الإسلام وفلاسفته على رأيه. وهو رأي فلسفي
يخطئ فيه أبو الحسن الأشعري أو يصيب، وما مثله في آرائه الفلسفية الا مثل غيره في
هذا الميدان يخطئ تارة ويصيب أخرى، ورأى مخالفوه أن الوجود غير الموجود. وأنه ما
به يكون وجود الموجود. ولما قال الصوفية بالوجود الواحد. شرح خصومهم فكرتهم في ضوء
رأي الأشعري، دون أن يراعوا مذهبهم ولا رأيهم. ففسروا قولهم بالوجود الواحد على
أنه قول بالموجود الواحد)[1]
ثم ذكر سببا ثالثا لذلك الخلط
بين قول الصوفية وقول الفلاسفة ـ وهو الذي يتشبت به السلفية في العادة ـ وهو (هذه الكلمات التي تناثرت هنا وهناك مخترعة ملفقة مزيفة،
ضالة في معناها، تافهة في قيمتها الفلسفية غريبة على الجو الإسلامي تنادي بصورتها
ومعناها: أنها اخترعت تضليلا وافتياتا، إنها هذه الكلمات التي يعزونها الى الحلاج،
أو الى غيره.. لا توجد في كتاب من كتبه ولم يخطها قلمه.. لقد اخترعوها اختراعا ثم
وضعوها أساسا تدور عليه أحكامهم بالكفر والإضلال. ويكفي أن يتشبث بها انسان فيكون
في منطق البحث غير أهل الثقة)[2]