كل شيء ما خلا الله باطل،
وأن كل شيء هالك إلا وجهه، لا أنه سيبطل في ثاني الحال، بل هو الآن باطل)[1]
وقد علق صاحب الكتاب على هذا
بقوله: (يبين لنا الغزالي هنا كيف يفهمون الجملة (كل شيء ما خلا الله باطل)،
والآية ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا
وَجْهَهُ﴾ [القصص:88]، ومنذ الآن يجب
أن نعرف كيف يفهمونها، ولا نحاول التأويل واللف والدوران مثلهم)[2]
وينقل عن الغزالي قوله: (نعلم
أن للقلب ميلاً إلى صفات بهيمية.. وإلى صفات سبعية.. وإلى صفات شيطانية.. وإلى
صفات ربوبية.. فهو لما فيه من الأمر الرباني يحب الربوبية بالطبع؟! ومعنى الربوبية
التوحد بالكمال، والتفرد بالوجود على سبيل الاستقلال؛ فصار الكمال من صفات
الإلهية، فصار محبوباً بالطبع للإنسان. والكمال بالتفرد بالوجود، فإن المشاركة في الوجود
نقص لا محالة؛ فكمال الشمس في أنها موجودة وحدها، فلو كان معها شمس أخرى لكان ذلك
نقصاً في حقها إذ لم تكن منفردة بكمال معنى الشمسية. والمنفرد بالوجود هو الله
تعالى إذ ليس معه موجود سواه، فإن ما سواه أثر من آثار قدرته لا قوام له بذاته، بل
هو قائم به...وكما أن إشراق نور الشمس في أقطار الآفاق ليس نقصاناً في الشمس بل هو
من جملة كمالها، وإنما نقصان الشمس بوجود شمس أخرى.. فكذلك وجود كل ما في العالم
يرجع إلى إشراق أنوار القدرة.. فإذاً معنى الربوبية التفرد بالوجود، وهو
الكمال...ولذلك قال بعض مشايخ الصوفية: (ما من إنسان إلا وفي باطنه ما صرح به
فرعون من قوله: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾