وقد علق الكاتب على هذا النص
بقوله: (فالحنابلة الأوائل على طريقة الإمام أحمد كالخلال وأبي داود ونحوهما، وكذا
من سلك طريقة المحدثين من أصحابه كالآجري وابن بطة وغيرهما، بخلاف المتأخرين من
الحنابلة كالتميميين وأشباههم)[1]
وقد أشار ابن تيمية ـ في معرض
حديثه عن التميميين ـ إلى هذا، فقال: (أما التميميون كأبي الحسن وابن أبي الفضل
وابن رزق الله، فهم أبعد عن الإثبات وأقرب إلى موافقة غيرهم وألين لهم؛ ولهذا
تتبعهم الصوفية ويميل إليهم فضلاء الأشعرية: كالباقلاني والبيهقي؛ فإن عقيدة أحمد
التي كتبها أبو الفضل هي التي اعتمدها البيهقي مع أن القوم ماشون على السنة. وأما
ابن عقيل فإذا انحرف وقع في كلامه مادة قوية معتزلية في الصفات والقدر وكرامات
الأولياء)[2]
وبهذا الإقرار من ابن تيمية
وابن القيم يصبح كبار أعلام الحنابلة وفضلاءهم من جملة المنزهة الذين لا يتوقف
السلفية في تكفيرهم.. وهم يروون عن أحمد وأصحابه الكبار ما يدل على التنزيه..
وبذلك يكون يصبحون جميعا محل الخلاف من السلفية.. لأنه إذا صح ما يروى عن أحمد
وتلاميذه الكبار من التنزيه أو من التبرك فلن ينجو أحد من الحنابلة ما عدا الذين
يعظمهم ابن تيمية والسلف المتأخرين كابن بطة وغيره.
وهكذا أشار إلى هذا ابن تيمية
في موضع آخر، فقال: (إن الإمام أحمد في أمره باتّباع السنة، ومعرفته بها ولزومه
لها، ونهية عن البدع، وذمّه لها ولأهلها بالحال التي لا تخفى ثم إن كثيراً مما نصّ
هو على أنه من البدع، صار بعض أتباعه يعتقد أن ذلك من السنة، وأن الذي يُذم من
خالف ذلك.. وكذلك ما أثبته أحمد من الصفات التي جاءت بها الآثار، واتفق عليها
السلف، كالصفات الفعلية من الاستواء والنـزول والمجيئ
[1]
مسائل الاعتقاد عند علماء نجد قبل
الدعوة الإصلاحية، ص29.