ما يدل على كونه قبوريا جلدا
ـ كما يعبر السلفية ـ فقد قال ناقلا عنه: (.. وأما تقبيل الأماكن الشريفة على قصد
التبرك وكذلك تقبيل أيدي الصالحين وأرجلهم فهو
حسن محمود
باعتبار القصد والنية، وقد سأل أبو هريرة الحسن أن
يكشف له المكان
الذي قبله رسول الله k وهو سرته فقبله تبركاً بآثاره وذريته k، وقد
كان ثابت
البناني لا يدع يد أنس حتى يقبلها ويقول: يد مست يد رسول الله k. وقال أيضاً: وأخبرني الحافظ أبو سعيد
بن العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من
الحفاظ، أن الإمام أحمد سُئل عن تقبيل قبر النبي
k وتقبيل منبره فقال: لا بأس
بذلك. قال: فأريناه للشيخ
تقي الدين بن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت أحمد عندي جليل يقوله؟ هذا
كلامه أو معنى كلامه. وقال: وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل
قميصاً للشافعي وشرب الماء الذي غسله به وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فكيف
بمقادير الصحابة وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام)[1]
وقيمة هذا النص أنه يضع كلا
الإمامين الكبيرين الشافعي وأحمد تحت سطوة السيف التكفيري السلفي، خاصة وأن الذي
ذكر هذا موثوق عندهم في الفن الذي يتصورون أنهم يحتكرونه علم الحديث.
وقد ذكرنا سابقا أن الرؤية
التي يتصورها أصحاب المذاهب لأئمة مذاهبهم تختلف اختلافا جذريا عن الرؤية السلفية،
ولهذا فإن من الحيل التي يستعملها من ينفي التكفير عن السلفية هو قولهم: نحن لا
نكفر أصحاب مالك ولا الشافعي.. وهم يريدون بذلك أصحابهم الذين يتصورون أنهم يتبعون
أولئك الأئمة بحسب الصورة السلفية.