ومن العجب
أنه في وجوه ردوده عليه يذكر كلام سلفه في تكفير من يقول بذلك، وقد قال مقدما لها:
(مذهب الشاطبي – كما يتبين من مجموع النصوص السابقة- يدل على
نفيه للعلو، ونفي العلو إنما ذهب إليه متأخرو الأشاعرة بعد أن غلب عليهم التجهم
والاعتزال.. بل إن الجهمية الأوائل والمعتزلة الذين امتحنوا الأئمة بخلق القرآن
كانوا لا يجرؤون على التصريح بهذه العقيدة وإنما يلمحون إليها،كما قال حماد بن زيد
وعباد بن العوام ووهب بن جرير وأبو بكر بن عياش وغيرهم رحمهم الله تعالى: (إنما
يحاولون أن يقولوا ليس في السماء شيء)[1]
ثم نقل قول
ابن تيمية في ذلك –وهو يخاطب الأشاعرة-: (ووافقتم المعتزلة على نفيهم
وتعطيلهم الذي ما كانوا يجترئون على إظهاره في زمن السلف والأئمة وهو قولهم إن
الله لا داخل العالم ولا خارجه، وأنه ليس فوق السماوات رب، ولا على العرش إله، فإن
هذه البدعة الشنعاء والمقالة التي هي شر من كثير من اليهود والنصارى لم يكن يظهرها
أحد من المعتزلة للعامة ولا يدعو عموم الناس إليها، وإنما كان السلف يستدلون على
أنهم يبطنون ذلك بما يظهرونه من مقالاتهم)[2]
وهكذا نقل تأويلات الشاطبي للاستواء
ـ وهو مما اتفق سلف السلفية وخلفهم على اعتباره تأويله تجهما وكفرا ـ فقد قال (الاعتصام):(بدعة
الظاهرية ـ يقصد الحشوية والسلفية ـ فإنها تجارت بقومٍ حتى قالوا عند ذكر قوله
تعالى(على العرش استوى): قاعد، قاعد، وأعلنوا بذلك وتقاتلوا عليه)[3]
ومن الوجوه التي رد بها عليه،
ولا تحمل إلا على التكفير قوله: (معتقد أهل السنة