وبناء عليه ذكر الكثير من
النصوص من الاعتصام أو الموافقات والتي يحكموها على أمثالها، بل على ما هو دونها
بالكفر، ومن أمثلة تلك النصوص، قول الشاطبي في (الموافقات):(كما زعم أهل التشبيه في صفة الباري
حين أخذوا بظاهر قوله تعالى:(تجري بأعيننا)(مما عملت أيدينا)(وهو السميع
البصير)(والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) وحكموا مقتضاه بالقياس على المخلوقين
فأسرفوا ما شاءوا)[2]، وهذا طعن صريح منه للسلفية
وأهل الحديث برميهم بالتشبيه، ومع ذلك لم يتشدد معه، كما تشدد مع من هم دونه.
وهكذا نقل عنه في (الموافقات) تحت
قاعدة إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان:(كما إذا
ثبت لنا أصل التنزيه كلياً عاماً ثم ورد موضع ظاهره التشبيه في أمرٍ خاصٍ يمكن أن
يراد به خلاف ظاهره على ما أعطته قاعدة التنزيه فمثل هذا لا يؤثر في صحة الكلية
الثابتة)[3]، وهذا النص يقضي على كل البنيان
السلفي، ومع ذلك لم يعره أهمية كبيرة.
وهذا نقل عنه قوله - تحت مسألة
من الخلاف ما يكون ظاهره الخلاف وليس في الحقيقة كذلك،وذكر من أسبابه-:(التاسع:أن
يقع الخلاف في التأويل وصرف الظاهر عن مقتضاه إلى ما دل عليه الدليل الخارجي، فإن
مقصود كل متأول الصرف عن ظاهر اللفظ إلى وجهٍ يتلاقى مع الدليل الموجب للتأويل،
وجميع التأويلات في ذلك سواء،