إلى المنزول إليهم، وهو في نفسه
قديم)[1]: (هذا الموضع فيه إيهام يتعلق
بصفة الكلام لله عز وجل، ويحتاج إلى تفصيل: فإن كان المراد أنه معنى قديم نفسي،
فهذا قول الأشاعرة بأن القرآن معنى نفسي قائم بالله.. وإن كان جبريل لم يسمعه من
الله وإنما تلقاه من غيره: من اللوح أو الهواء أو اللطيفة فهو باطل أيضاً. وهو قول
الأشاعرة والمتكلمين لينفوا أن يكون الكلام مسموعاً. وهو راجع إلى الاحتمال الأول:
بأن الكلام معنىً قديمٌ نفسيٌّ.. وإن أراد أنه قديم بمعنى أن الله كتبه في اللوح المحفوظ وسبق به علمه سبحانه ثم أنزله منجماً حسب الحوادث، وسمعه جبريل من الله. فهذا حق وصواب)[2]
هكذا بكل هدوء حاول أن يجد
المبررات لكلامه مع علمه بكون ابن حجر أشعريا، ومع وضوح كلامه، لكن لو كان غيره هو
الذي قال هذا الكلام لنقل له كل ما ذكرناه من تكفيرات ابن حنبل وابن الجراح وابن
عينية.. ولطالب باستتابته وقتله.
وقال تعليقا على نفي ابن حجر
للعلو الذي على أساسه كفروا الجهمية[3]: (هذا جنوح إلى القول بعلو
القهر وعلو الشرف. وهو الوصف بالعلو من جهة المعنى، دون علو الذات الذي أحاله
الحافظ حساً، والحق أن لله العلو التام ذاتاً وقدراً وقهراً، وهو ما تواترت به
نصوص الشريعة تواتراً قطعياً من وجوه كثيرة جداً تفوق الحصر)[4]
مع العلم أن هذه المسألة من
المكفرات التي لم يتنازل السلفية عنها، وعلى أساسها كفروا تكفيرا عينيا كل من
أنكرها، فقد قال ابن
خزيمة: (من لم يقل بأن الله فوق
[2]
التنبيه على المخالفات العقدية في فتح
الباري، ص17.
[3]
النص هو قول ابن حجر في الفتح 6/158:
(فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا
يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو؛ لأن وصفه بالعلو من
جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس)
[4]
التنبيه على المخالفات العقدية في فتح
الباري، ص21.