أن يصرحوا بتكفيره،
خشية من أن يتهموا بأنهم يرجعون إلى كفرة لا يؤمنون بإسلامهم، وخشية على سمعتهم من
أن تدنس بتهمة التكفير.
وهذا عجيب
جدا، ويدل على المكاييل المزدوجة للعقل السلفي، وإلا فكيف يمكن أن نصف قانونا من
القوانين بالعدالة، وهو يضع العقوبات لجرائم واحدة، ثم يطبقها على قوم، ويستثني منها
قوما، بل يكرمهم، ويثني عليهم، ولا يجيز الحديث فيهم.
إن هذا يصدق
عليه بجدارة قوله k: (إنما أهلك الذين
قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه
الحد)[1]
ولذلك فإن
هذا النوع من السلفيين مطالب بأحد أمرين:
أولهما، وهو
الأحسن والمستحب، بل الواجب، وهو إزالة تلك القوانين التي على أساسها كفروا الأمة،
والتراجع عنها، وتخطئة سلفهم، وأولهم ابن تيمية، في اعتمادها، ليصبحوا كسائر
المسلمين، لهم أن يعتقدو ما يشاءون، ويتركون الحرية لغيرهم ليعتقد ما يشاء.
والثاني، أن
يضموا ابن حجر والنووي وغيرهما إلى سائر من كفروهم من الجهمية والمعطلة، لأن سنة
الله تعالى في عباده واحدة، ولا يصح أن يطبقوها على قوم ويتركوا غيرهم، خاصة وأنهم
يذكرون أنهم يعتقدون بالولاء والبراء، وأن من لم يكفر الكافر كافر.
خاصة وأن ابن
حجر لا يكتفي بتلك العقائد التي يسمونها عقائد الجهمية، بل يضم إليها موقفا سلبيا
متشددا من ابن تيمية، ومن بعض أهل الحديث الذين يقدسونهم، فقد قال في ابن تيمية: (ثم نسب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى لـه ذلك العُجب
بنفسه حتى زهى على أبناء جنسه واستشعر أنه مجتهد، فصار يرد على صغير العلماء
وكبيرهم