بل إن هذه الأحكام المتشددة
الممتلئة بالعنف لم تشمل المتكلمين في تلك العقائد فقط، بل شملت أيضا أولئك
البسطاء الورعين الذين توقفوا أو فوضوا أو اعتبروا البحث في أمثال هذه المسائل
نوعا من الترف الذي لم نطالب به، وقد روى عبد الله بن أحمد في هذا عن أبيه قال: (من كان من أصحاب الحديث أو
من أصحاب الكلام فأمسك عن أن يقول: القرآن ليس بمخلوق فهو جهمي)[1]
وقال: سمعت أبي رحمه الله مرة
أخرى وسئل عن اللفظية، والواقفة فقال: (من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي، وقال
مرة أخرى هم شر من الجهمية)[2]
وروى أنه ذكر ليحيى بن أيوب
الشكاك الذين يقولون لا نقول القرآن مخلوق ولا غير مخلوق فقال: كنت قلت لأبي شداد
صديق لي: (من قال هذا فهو جهمي صغير)، قال يحيى: (وهو اليوم جهمي كبير)[3]
هذه أمثلة عن
بعض أعلام السلف، ومواقفهم من بعض الفروع التنزيهية البسيطة التي أصبح القول بها بديهيا
عند جميع المدارس الإسلامية.
ولو أن السلفية تابوا من هذه
المقولات، وخطأوا سلفهم فيها، وتراجعوا عنها، وذكروا أن الخلاف فيها وفي أمثالها
فرعي، لما وصمناهم بالتكفير.. ولكنهم لا يزالون يصرون عليها، بل يذكرونها كل حين،
ويؤيدونها، ويطبعون الكتب التي تنشر مثل هذا الفكر التكفيري الخطير، فكيف لا
نعتبرهم مكفرة بعد هذا كله؟
بل إنهم يعتبرون مجرد النقد
لمثل هذه الطروحات الإرهابية الخطيرة الممتلئة بالعنف والعدوانية طعنا في السلف
والأئمة.. ومن طعن في السلف والأئمة طعن في