نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 63
الرواة أو
يجرحوا.. وبذلك لن يبقى لا كعب الأحبار، ولا تلاميذ الأحبار.
لكن العقل
السلفي استطاع أن يحتال على هذا الحديث كما احتال على غيره من الأحاديث، فقد قال
ابن كثير في شرحه للحديث: (وهذا الحديث من دلائل النبوة حيث أخبر a عن عمار أنه تقتله الفئة الباغية، وقد قتله أهل
الشام في وقعة صفين، وعمار مع علي وأهل العراق.. وقد كان علي أحق بالأمر من
معاوية.. ولا يلزم من تسمية أصحاب معاوية بغاة تكفيرهم، كما يحاوله جهلة الفرقة
الضالة من الشيعة وغيرهم، لأنهم، وإن كانوا بغاة في نفس الأمر، فإنهم كانوا
مجتهدين فيما تعاطوه من القتال، وليس كل مجتهد مصيبا، بل المصيب له أجران، والمخطئ
له أجر)[1]
وهكذا استطاع
العقل السلفي أن يجعل من الفئة الباغية فئة مأجورة، بدل أن تكون فئة تدعو إلى
النار، وتنحرف بالدين.
بل إن ابن
كثير يعقب على قوله a في تتمة الحديث: (يدعوهم إلى الجنة،
ويدعونه إلى النار)؟ بقوله: (فإن عمارا وأصحابه يدعون أهل الشام إلى الألفة
واجتماع الكلمة، وأهل الشام يريدون أن يستأثروا بالأمر دون من هو أحق به، وأن يكون
الناس أوزاعا على كل قطر إمام برأسه، وهذا يؤدي إلى افتراق الكلمة، واختلاف الأمة،
فهو لازم مذهبهم وناشئ عن مسلكهم، وإن كانوا لا يقصدونه)
وهذا الكلام
الذي لا يسمن ولا يغني من جوع هو الحيلة التي احتال بها الشيطان ليجتمع في العقل
السلفي الظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول، والفئة الباغية والفئة العادلة، فالعقل
السلفي هو العقل الوحيد في العالم الذي تجتمع عنده الخطوط المتوازية، وجميع
المتناقضات.