نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165
وهكذا نرى
ابن بطة ـ مثل غيره من أعلام السلف ـ يذهب لكل ما في النصوص من تنزيه ليؤولها بما
يشاء، ثم يذهب لغيرها، والتي يتوافق ظاهرها مع توهمه وتصوره، فيحكم بالقول
بظاهرها، ويعتبر المخالف لذلك جهميا معطلا، ومن الأمثلة على ذلك قوله: (واحتج
الجهمي بقول الله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ
وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]، فقالوا: إن الله
معنا وفينا، واحتجوا بقوله: ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾
[فصلت: 54] وقد فسر العلماء هذه الآية: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ
إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ﴾ [المجادلة: 7]، إنما عنى بذلك علمه.. ولو كان
معنى قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال:
75]، أنه إنما علم ذلك بالمشاهدة لم يكن له فضل على علم الخلائق، وبطل فضل علمه
بعلم الغيب؛ لأن كل من شاهد شيئا وعاينه وحله بذاته، فقد علمه، فلا يقال لمن علم
ما شاهده، وأحصى ما عاينه: إنه يعلم الغيب؛ لأن من شأن المخلوق أن لا يعلم الشيء
حتى يراه بعينه، ويسمعه بأذنه، فإن غاب عنه جهله، إلا أن يعلمه غيره فيكون معلما
لا عالما، والله تعالى يعلم ما في السماوات، وما في الأرض، وما بين ذلك، وهو بكل
شيء محيط بعلمه.. وأما قوله: ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ﴾
[فصلت: 54]، فقد فسر ذلك في كتابه فقال: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]، فبين تلك الإحاطة: إنما هي بالعلم
لا بالمشاهدة بذاته، فبين تعالى أنه ليس كعلمه علم؛ لأنه لا يعلم الغيب غيره،
فتفهموا الآن رحمكم الله كفر الجهمي؛ لأنه يدخل على الجهمي أن الله تعالى لا يعلم
الغيب، وذلك أن الجهمي يقول: إن الله شاهد لنا وحال بذاته، فسار في كل شيء ذرأه
وبرأه، وقد أكذبهم الله تعالى فقال: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [النمل: 65]، فأخبر
أنه يعلم الغيب، وقال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ
الْمُتَعَالِ﴾ [الرعد: 9]، فوصف نفسه تعالى بعلم الغيب والكبر والعلو،
ووصفه الجهمي
نام کتاب : هکذا يفکر العقل السلفي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165