نام کتاب : السلفية والوثنية المقدسة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 201
على ما مات عليه، ولا يموت إلا على ما عاش عليه، فما صحبه من المعرفة هو
الذى يتنعم به بعينه فقط إلا أنه ينقلب مشاهدة بكشف الغطاء فتتضاعف اللذة به كما
تتضاعف لذة العاشق إذا استبدل بخيال صورة المعشوق رؤية صورته فإن ذلك منتهى لذته
وإنما طيبة الجنة أن لكل أحد فيها ما يشتهى، فمن لا يشتهي إلا لقاء الله تعالى فلا
لذة له في غيره بل ربما يتأذى به، فإذن نعيم الجنة بقدر حب الله تعالى، وحب الله
تعالى بقدر معرفته، فأصل السعادات هى المعرفة التى عبر الشرع عنها بالإيمان)[1]
هذه هي مواقف المنزهة من الصورة والرؤية، وهي مواقف ممتلئة بالشفافية
والطهر والصفاء، لأن الذي يحبونه ويتعلقون به في غاية القداسة والكمال، ولهذا كانت
مطالبهم مشابهة لحقيقة محبوبهم:
صفاءٌ، ولا ماءٌ، ولُطْفٌ،
ولاهَواً، ونورٌ ولا نارٌ وروحٌ ولا جسمُ
وقد تبنى هذا النوع من الرؤية كل المنزهين من هذه الأمة على اختلاف
مذاهبهم من أشاعرة وماتريدية ومعتزلة وإمامية وزيدية وإباضية وصوفية .. وغيرهم، بل
حتى الفلاسفة الإسلاميون كابن سينا وابن طفيل وغيرهما أشاروا إلى جمال هذه الرؤية
القلبية.
ولهذا فإن أشواق العارفين للرؤية أشواق تنطلق من هذا المنبع المقدس، وهي
تصيح كما صاح ذلك العاشق الولهان: