responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسول الله..والقلوب المريضة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 59

وقد تلقف أصحاب السنة المذهبية هذا الحديث كما يتلقفون القرآن الكريم، يأبون من يتكلم فيه، ويبررون كل ذلك بأشياء لا قيمة لها أمام قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]

ذلك أنهم إن قالوا: إن ما فعله رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) من كشفه لفخذه لم يكن مما يستدعي الحياء، فذلك يجعلهم يتناقضون مع ما ورد في السنن الكثيرة من إثبات كون الفخذ عورة[1].. وبذلك يكون كشفها حراما.. وبذلك يكون رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) في تصورهم قد ارتكب حراما.

فإن جادلوا، وقالوا: ومع تلك الأحاديث .. فالأرجح أن الفخذ ليس عورة.. رد عليهم بأن رسول الله a ذكر في الحديث بأن كشفها ليس من الحياء.. لأن المستحيي لا يتورع عن الحرام فقط، بل يتورع عن الشبهات، بل حتى عن المباحات التي لا تنسجم مع ما يقتضيه الخلق الطيب.

فإن جادولوا ـ وهذه عادتهم ـ بأن رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) خص بذلك عثمان .. رد عليهم بأن الخلق واحد مع الجميع، فلا يمكن لشخص أن يعتبر صادقا، وهو يصدق مع قوم دون قوم.. أو في قضية دون قضية..

فإن جادلوا، وقالوا: ولكن الحديث في صحيح مسلم.. قلنا لهم: صحيح مسلم وصحيح البخاري وكل كتب الدنيا فداء لشعرة من شعر رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم).. فأيهما أعظم لكم أن يرد حديث قد يتوهم راويه أو يخطئ كاتبه، أو تمس كرامة رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم)، ويمس أعظم ميزة فيه (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) وهو أخلاقه العالية التي لا يضاهيها أي كان صحابيا كان أو نبيا أو حتى ملاكا مقربا.. فكيف تتصورون بربكم أن صحابيا ـ لا ترون عصمته ـ يكون أعظم خلقا من رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم)؟

هذا مثال على ذلك.. وليت الأمر توقف على هذا.. بل ربما يكون واضع هذا الحديث وأمثاله يؤسسون نظريا لما هو أخطر وأعظم .. لأنهم إن أودعوا في النفوس بأن رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) لا يتوفر له الحياء الذي يتوفر لعثمان.. فإنهم بعد ذلك يمكنهم أن يضعوا من الأحاديث العملية المثبتة لذلك ما يسهل قبوله، خاصة من الذين يقدمون السلف والسنة المذهبية التي جاءوا بها على رسول


[1] ومنها ما روي عن محمد بن عبد الله بن جحش أن النبي a مر على معمر بفناء المسجد محتبيا كاشفا عن طرف فخذه فقال له النبي a: (خمر فخذك يا معمر فإن الفخذ عورة)، رواه أحمد ورواه الطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات.

نام کتاب : رسول الله..والقلوب المريضة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست