بل رووا أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مع ما عاينه من أمر الله في غار حراء، بقي في شك من أمره، وخشي أن
يكون ما حصل له مسا من الشيطان، لولا أن طمأنه ورقة بن نوفل..
وهكذا تحط السنة المذهبية من قدر رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لتجعله فريسة للشكوك والشياطين لولا أن يخلصه منها بشر من الناس ما
نالوا فضلهم إلا برؤيته وصحبته والتعلم على يديه ونيل بركته.
ولم تكتف السنة المذهبية بهذا، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين صورت أن
الشيطان استطاع بقدراته الخارقة أن يخترق رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وهو يقرأ كلام ربه، ليجعل رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ينطق بكلام الشيطان بدل كلام ربه.. ولست أدري كيف أطاق ذلك مع أن الله
تعالى يذكر في القرآن الكريم أن سلطان الشيطان الوحيد على الإنسان قاصر على
الوسوسة.
والرواية التي تذكر هذا هي التي تسمى قصة الغرانيق، وهي التي تلقفها
المستشرقون والمبشرون وبنوا عليها جدرا من الأباطيل، والعيب ليس فيهم، ولكن العيب
فيمن يدعي أنه ينتمي لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، ثم يقبل مثل تلك الرواية أو يرويها أو يحاول كل جهده أن ينتصر
لها.
ومن أعظم هؤلاء الذين انتصورا لها شيخ إسلام السنة المذهبية ابن تيمية
الذي انتصر لها في مواضع كثيرة من كتبه، بطرق مختلفة..
وقبل أن نذكر كلام ابن تيمية في المسألة، والذي تلقفه تلاميذه كالقرآن
الموحى، نذكر الرواية، فعن أبي العالية، قال: قالت قريش لرسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم): إنما جلساؤك عبد بني
فلان ومولى بني فلان، فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك، فإنه يأتيك أشراف العرب فإذا
رأوا جلساءك أشراف قومك كان أرغب لهم فيك، قال: فألقى الشيطان في أمنيته، فنزلت
هذه الآية: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) قال: فأجرى الشيطان على
لسانه: تلك