responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 472

الاطلاع عليها، والخضوع لها، لكن هذا الميل إذا لم يقع في إطار الهداية والتوجيه الإلهي، يسفّ بالإنسان إلى الحضيض، ويصنع منه عابداً للحجر والخشب والعجماوات، خاضعاً للشمس والقمر والنار.

لكنها إذا كانت تحت ظل هداية إلهية، تتجلى بمظهر التوحيد، وأَنّ للعالم بأسره إلها واحداً أحداً عالماً، قادراً، محيطاً بكل شيء، جامعاً لكل صفات الكمال والجمال.

وهكذا الحال مع الميول الطبيعية، كالميل إلى الزواج والتسلط على المناصب والتكاثر في الأموال، فلو تركت هذه الغرائز من غير تهذيب، لتحول الإنسان إلى حيوان ضار، مدمر لكل شيء بغية تحصيل المال والاستبداد بالمناصب.

وأما لو كبح جماحها، وعدّلت ميولها بهداية تحدد مجاريها وتُرشد صاحبها إلى كيفية الإستفادة منها، لصار موجوداً عاقلاً متكاملاً سعيداً في حياته، متآلفاً ومتآزراً مع سائر بني نوعه، لبناء المجتمع الصالح.

وبناء على هاتين المقدمتين احتاجت البشرية إلى من يقوم بهذه المهمة؛ فالعقل، مع الإعتراف بأنه يضيء الطريق أمام الإنسان، ويأخذ بيده في المزلاّت والمزالق، إلا أنه قاصر عن مصارعة الغرائز المتفجرة وكبح ثورانها، فإن كلَّ إِنسان يعلم من نفسه أن غرائزه وميوله الشهوية إذا تفجرت، لم تترك للعقل ضياءً ولا للفكر نوراً، بل كان مثل العقل حينذاك مثل الإنسان المبصر إذا وقع في مهب الرياح والزوابع الرملية، فإنها تَكُفُّ بَصَرَه عن الرؤية وتُعَرْقِل مسيرهُ.

وفي تلك الحالات، لا ينفك العقل عن خداع صاحبه لتبرير عمله، وإيجاد الذرائع لارتكابه، بحيث لوكان هذا الإنسان في موقف عادي خال عن ذلك الثوران في العواطف والغرائز لما اعتنى بشي من تلك التسويلات، ولذلك لا تجد مجرماً يقوم بجناية إلاّ وهو يلقي لنفسه الأعذار والتبريرات حين إقدامه عليها.

نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 472
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست