نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40
كانت معانيها
رقيقة ودقيقة، فلا يستوعبها إلا أصحاب النفوس الطاهرة، والقلوب الخاشعة، والأرواح
السامية، فلذلك لا معنى لجحودها أو إنكارها بسبب عدم القدرة على فهمها، ذلك أن
هناك من له القدرة على ذلك.. ولله طرائق بعدد الخلائق.
ولذلك لا يصح
لأي مناظر في الإلحاد أن ينكر مثل هذه البراهين، فهي أدلة قوية قاطعة، يمكن
الاستفادة منها مع من له القدرة على ذلك، ذلك أن البشر مختلفون في طباعهم، وفي
طريقة تفكيرهم، فبعضهم يفكر تفكيرا غليظا كثيفا محدودا.. وبعضهم يفكر تفكيرا رقيقا
عميقا واسعا.. وهم الثلة القليلة من أصحاب العقول الذين نسميهم عباقرة.
وهكذا الأمر مع
الحقائق الإيمانية.. فهناك من يحتاج إلى الأدلة الكثيفة التي تحاول أن تزيل
الغشاوة عن عينيه، وقد تفلح ولا تفلح.. وهناك من يكون مبصرا، لا غشاوة على عينيه،
ولذلك لا يحتاج إلى أي أدلة، لأنه مبصر بالفطرة أو الاكتساب.
ومن الأمثلة
المقربة لذلك قدرات بعض العقول في الحساب.. حيث أنه تلقى إليه المسائل العويصة
الصعبة، فيحلها في طرفة عين، وكأنه يراها بأم عينيه.. وهناك من يبذل جهدا كبيرا في
حلها، ويستعمل كل ألوان الأقلام، ومع ذلك قد يخطئ في حلها.
ولذلك كان
الداعية الحكيم هو الذي يستعمل لكل قوم لغتهم الخاصة بهم.. فهناك من لا ينجذب عقله
للبراهين القاطعة، لكنه ما إن يسمع المعاني الرقيقة حتى يذوب فيها.. وينتقل مباشرة
من الإلحاد إلى الإيمان.. ومن الغفلة إلى اليقين.
وقد ضرب لنا
القرآن الكريم المثال على ذلك بسحرة موسى عليه السلام الذي آمنوا بربهم وسجدوا له
وضحوا بأنفسهم في سبيله لا للخطابات العقلية التي خاطبهم بها موسى عليه السلام،
وإنما لما رأوه من حججه الواضحة، وأدلته القاطعة التي تحدثت بها العصا، فقد كانت
الآيات الباهرة هي دليلهم إلى الله، ولهذا قال تعالى: ﴿لِكُلِّ قَوْمٍ
هَادٍ﴾ [الرعد: 7].. ويقاس عليه: ولكل أمة رسول.. ولكل عقل حجة.
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40