لم تكن الحادثة سوى تأمل بسيط لم يستغرق منه
إلا لحظات معدودة، لكنه كان بالنسبة له أفضل من قراءة آلاف الصفحات.. فالله تعالى
بفضله جعل لنا من الكتب في عقولنا ما يغنينا عن آلاف الكتب التي قد تنحرف بنا إلى
غير رجعة.
لقد كان يتطلع إلى ابنته الصغير،ة ثم التفت
دون شعور إلى شكل أذنيها، وذكر بينه وبين نفسه أنه من المحال أن تكون تلك التلافيف
الدقيقة التي تشتمل عليها الأذن قد نشأت عن طريق المصادفة.. إنها لا يمكن أن تكون
قد نشأت إلا عن خبرة بالغة وتصميم وتدبير.
ولكنه أبعد هذه الفكرة عن عقله المارق عن
الدين؛ فقد خشي أن يؤدي به هذا النوع من التفكر إلى النتيجة المنطقية، وهي أن
التصميم يحتاج إلى مصمم أو مبدع أو إله، إنه لم يكن مستعدا حتى ذلك الوقت لقبول
هذه الفكرة.
ثم علق سميي [توماس دافيدباركس] على هذا
التأمل بقوله: (لقد عرفت كثيرا من أساتذتي المشتغلين بدراسة العلوم ومن زملائي
الذين طافت بعقولهم مثل هذه الخواطر والأفكار حول مشاهداتهم في الكيمياء والطبيعة،
ولو أنهم لم يعبروا عنها بتلك الصورة من اليأس العميق التي وجدها تشيمبرز في قرارة
نفسه.. انني أقرأ النظام والتصميم في كل ما يحيط بي من العالم غير العضوي، ولا أستطيع
أن أسلم بأن يكون كل ذلك قد تم بمحض المصادفة العمياء التي جعلت ذرات هذا الكون
تتألف بهذه الصورة العجيبة.. إن هذا التصميم يحتاج إلى مبدع، ونحن نطلق على هذا
المبدع اسم الله)
التفت لزميله هولباخ، وقال: لاشك أنك سمعت في
هذا المجلس من حدثنا عن نابليون عندما التقى بلابلاس، فرآه قد صار نحيفا، فقال له: (أرى أنك فقدت الكثير من