نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 205
الأشياء هي الجانب الإيجابي في الحياة..
أما ما يسمي بالسعادة، أو اللذة، أو الخير أو غير ذلك، فليست سوى سلب للآلام، وإخفاء
للشقاء أو تخفيف منه..
وقد دعوت من خلال كل هذا إلى أن يقتل الإنسان
نفسه منتحراً ليتخلص نهائياً من حياة كلها آلام وشقاء وتعاسة لا تنتهي.. وذكرت أنه
لو فعل كل الناس ذلك لانتهت الحياة، وفشلت الإرادة الطبيعية في تحقيق أغراضها.
وقد ذكرت أن العقبة الكبرى التي حالت
بين البشر وهزيمة الإرادة الكلية هو (العقل الذي هو من صنع الإرادة).. وليس من صنع
الحقيقة..فلذلك يقوم بفلسفة الأشياء، واختراع الأفكار والمسوغات التي لاوجود لها،
حتى يقتنع الإنسان بتقبل الشقاء والآلام والبؤس الذي تشتمل عليه الحياة، والرضى
بذلك، بناء على أفكار وتصورات غير حقيقية يخترعها.
وذكرت أن من تلك المخترعات (وجود إله
اقتضت حكمته ذلك.. وأن ما نراه من شرور إنما هو لحكمة لا نعرفها.. وأن هناك بعثا
بعد الموت، ودارا أخرى سوف ينال فيها الصابرون أجر صبرهم ورضاهم، بل وترحيبهم
بالشقاء والآلام في هذه الحياة)
لقد اعتبرت كل هذه الحقائق التي دلت
عليها الأدلة العقلية، ودعا لها الأنبياء والرسل، وقامت عليها الأديان.. اعتبرتها
جميعا أفكارا وتصورات من اختراع العقل الذي هو أداة من أدوات الطبيعة الكلية
العمياء.
وتصورت أنني بدعوتي للانتحار أكون قد
حققت الغاية الكبرى التي تاهت عنها البشرية منشغلة بما توهمته من أفكار..
كنت أعلم ما تحمله هذه الدعوة من آلام
.. ولهذا كنت أحاول البرهنة على أن الموت في ذاته لا يسبب للإنسان ألما قط، ولكن الناس يتألمون من فكرة الموت أكثر مما يتألمون من الموت نفسه؛ لأن الإنسان
لايلتقي بالموت أبدا، فكيف يتألم منه؟ .. فالإنسان طالما هو حي لم يمت، فهو لا يرى
الموت، ولا يلتقي به، ومن ثم لا يتألم منه، فإذا ما انتحر الإنسان
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 205