نام کتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية نویسنده : سليمان الأشقر، محمد جلد : 1 صفحه : 285
يفهم من كلام البناني [1] أنه يرى أن البيان والامتثال "يحصل بكل منهما الآخر" فظاهر هذا أنه لا يتصوّر انفصال الفعل البيانيّ عن الامتثال.
وقد ورد في حديث عند ابن ماجه والبيهقي، أنه النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ثم قال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلاّ به". ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: "من توضأ مرتين آتاه الله أجره مرتين". ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي". قال القاضي حسين من الشافعية: من أصحابنا من قال: فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الوضوءات في مجالس، لأنه لو كان في مجلس واحد لصار غسل كل عضو ست مرات، وذلك مكروه.
قال: ومنهم من قال: كان ذلك في مجلس واحد للتعليم، ويجوز مثل ذلك للتعليم.
قال النووي: "ظاهر رواية ابن ماجه أنه كان في مجلس واحد. وهذا كالمتعين، لأن التعليم لا يكاد يحصل إلا في مجلس واحد" [2]. اهـ.
فالوضوء الأخير من الثلاثة كان تمثيلاً لمجرد البيان. فإن صحّ الحديث كان دليلاً أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل أحياناً لمجرد البيان.
ومثال آخر: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمّار بن ياسر حين أراد أن يعلمه التيمم: "إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا .. " الحديث. فلا يبعد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان متوضئاً وأن ما فعله من التيمّم صوري. وحتى لو لم يكن متوضئاً فالظاهر أنه كان بالمدينة، والتيمّم للحاضر لا يجزئ.
ومن جهة أخرى، قد تنفرد جهة الامتثال، فيكون الفعل امتثالاً مجرداً من دون أن يكون بياناً لشيء. ومن ذلك ما كان - صلى الله عليه وسلم - يفعله في خلواته مما لا يطّلع عليه أحد من الأمة "لأن ما أريد به البيان يلزم إظهاره" [3]. [1] حاشية شرح جمع الجوامع 2/ 98 [2] النووي: المجموع 1/ 471 [3] الغزالي: المستصفى 2/ 28
نام کتاب : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية نویسنده : سليمان الأشقر، محمد جلد : 1 صفحه : 285