responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود    جلد : 1  صفحه : 79
إلى الحديث نظرة فيها الكثير من الشك والريبة في صحة ثبوته، وبالتالي في صلاحية استخدامه، سواء في ميدان العقيدة أو في ميدان الفروع العلمية، كما تنظر إلى المُحَدِّثِينَ نظرة استعلاء تَكَادُ تُصَرِّحُ بأنهم - أي المعتزلة - أكثر فهمًا وتطورًا، وأقدر على خدمة الشريعة من هؤلاء المتخلفين، وهو موقف سوف نعالج أسبابه ومراحله في الفصل القادم إن شاء الله.
والذي يهمنا هنا أن المعتزلة قد نجحوا في استمالة السلطة التنفيذية متمثلة في الخلفاء: المأمون والمعتصم والواثق - وكسبوا عطفها وتأييدها، وأوغروا صدرها عَلَى المُحَدِّثِينَ، وأغروها بهم، متخذين من القول بخلق القرآن طُعْمًا يَتَصَيَّدُونَهُمْ بِهِ، وبلاء يقهرهم، وعذابًا يصبونه عليهم، وقد ابتلي بهذه الفتنة كثيرون، كان فيهم الإمام أحمد بن حنبل،، الذي تمسك بموقفه المعارض للمعتزلة، لم ترهبه قوة، وَلَمْ يُغيِّرْ مِنْ رَأْيِهِ بَلَاءٌ، واستمرت محنته أخريات عهد المأمون وطيلة خلافة المعتصم والواثق حتى رفع هذه المحنة الخليفة المتوكل.
كان رد الفعل لهذه الفترة عنيفًا جدًا، فَقَدْ كَرَّ المُحَدِّثُونَ على المعتزلة يحطمونهم وينتقمون منهم، ويوفون لهم الدين، ويكيلون لهم بنفس الكيل، ويرمونهم بكل نقيصة، وأصبح القول بخلق القرآن تهمة يكفي أن يتهم بها إنسان ما حتى يصدر الحكم عليه بالمقاطعة والتجريح، ولا تشفع له منزلته في العلم ولا بلاؤه فيه، كما حدث للبخاري والكرابيسي وداود الظاهري [1].

[1] انظر " طبقات الشافعية ": 1/ 190، 251 وما بعدها. 2/ 11، 13. 2/ 43، 44. ومما يدل على خطر التهمة بخلق القرآن أو حتى من يقول بأن اللفظ به مخلوق، وعلى خطورة حكم ابن حنبل - قول أحد العلماء لتلاميذه (*): «اعْتَبِرُوا بِهَذَيْنِ: حُسَيْنُ الكَرَابِيسِيُّ وَأَبِي ثَوْرٍ: فَالحُسَيْنُ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يَعْشِرُهُ فِي عِلْمِهِ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ =
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) هو محمد بن عبد الله الصيرفي الشافعي (ت 270 هـ)، انظر " طبقات الشافعية الكبرى "، تاج الدين السبكي (ت 771 هـ)، تحقيق الدكتور محمود محمد الطناحي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، 2/ 120، الطبعة الثانية: 1413 هـ، نشر هجر للطباعة والنشر والتوزيع.
وانظر " تاريخ بغداد "، للخطيب البغدادي (ت 463 هـ)، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، 8/ 611، الطبعة الأولى: 1422 هـ - 2002 م، دار الغرب الإسلامي. بيروت - لبنان.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست