نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 70
جمع حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل أضافوا إليه أقوال الصحابة والتابعين، والمأثور من أعمالهم، يقول أبو الزناد: «كُنَّا نَكْتُبُ الحَلاَلَ وَالحَرامَ، وَكَانَ ابنُ شِهَابٍ يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ، فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَعْلَم النَاسِ» [1]. واستغرق هذا المنهج في تأليف الحديث وجمع أقوال الصحابة والتابعين وأحكام مسائل الفقه - جل القرن الثاني.
والذي يهمنا هنا أن جمع الحديث قد اتسعت دائرته فلم يعد مقصورًا على أحاديث بلد معين أو باب معين، وأن البحث عن الحديث والأثر لم يكن لما يحمله من فقه فقط - كما كانت الحال قبل ذلك - بل كان يجمع أيضًا لذاته، وتجردت لهذا الجمع طائفة تفرغت له، وجابت الأقطار في سبيله، وأطلق عليها (المُحَدِّثُونَ)، وكان من هؤلاء مَنْ لَمْ يُعْنَ بِالإِفْتَاءِ فلم يهتم بالفقه الذي يتضمنه الحديث أو الأثر الذي يحفظه، كما كان منهم من قصد إليه للاستفتاء فكان يُفتي بما يحفظ، سواء أكان ما حفظه مما يفتي به حديثًا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أم كان قولاً لصحابي أو تابعي أم رأيًا لشيوخه.
هؤلاء المُحَدِّثُونَ مِمَّنْ لا قدرة لهم على النظر العقلي لم يكن في استطاعتهم الثبات أمام المدرسة العقلية الافتراضية الحنفية إذا حدثت مناظرة أو نقاش في المسائل الخلافية، بل كانوا يصمدون بما يرونه من اعتزاز هذه العقلية بنفسها، وجُرأتها في النقد والموازنة، فيسرع إلى نفوسهم الظن بمخالفة هؤلاء للحديث والسنة، وتضيق بذلك صدورهم، فيطلقون فيها ألسنتهم بالاتهام والتشنيع، وتنتشر التهمة، وتتناقلها المجالس العلمية دون تحقيق، ودون احتكاك عملي بالمتهم. فالأوزاعي يَتَّهِمُ أَبَا حَنِيفَةَ بِالبِدْعَةِ، وسنده في ذلك ما نقل إليه عنه، لكنه يعدل عن ذلك عندما يُطْلِعُهُ عبد الله بن المبارك على
(1) " جامع بيان العلم وفضله ": 1/ 73.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 70