نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 61
فيثري الفقه وبذلك وتكثر فروعه فإذا صادفت هذه الحصيلة المثرية من الفروع عقلية قياسية كعقلية أبي حنيفة، اتجهت فورًا إلى تجميع هذه الفروع وربطها ما أمكن بقواعد عامة.
أما المدنيون حيث لم تتعقد الحياة عندهم، وحيث العرف الإسلامي هو الشائع الغالب على مجتمعهم وحيث كانوا بعيدين عن الثقافات الأجنبية المستوردة، فقد بعدوا عن استعمال المقاييس الضابطة، واتجهوا إلى مراعاة المصلحة والعرف، في الغالب الأعم.
هذا الاختلاف في تناول الرأي كان أحد مظهرين مَيَّزَا بَيْنَ المَذْهَبَيْنِ وفارقا بين الاتجاهين.
أما المظهر الآخر فهو الفقه التقديري، أو فرض المسائل وتقدير الوقائع وهو نتيجة لاستعمال القياس والإكثار منه، حيث يصبح الفقه التقديري ميدانًا لتطبيق الأقيسة، ومجالاً لاختبار العلل.
وقد أصبحت ظاهرة فرض الفروض وتفريع المسائل من أهم خصائص الفقه العراقي في القرن الثاني وَعَمَّتْ شهرته بذلك الآفاق، حتى إن الإمام مالكًا يرشد من قد يكون عنده هذا الاتجاه من تلاميذه إلى أن يذهب إلى العراق، فيُرْوَى أَنَّ أسد بن الفرات عندما ذهب إلى مالك أخذ يلقي عليه المسائل يَتَعَرَّفُ أَحْكَامَهَا، حتى عرف مالك فيه رغبته في التفريع، فأوصاه بأن يذهب إلى العراق، فقد سأل مالكًا يومًا عن مسألة فأجابه، ثم أخرى فأجابه، ثم أخرى فأجابه، وقال له: «حَسْبُكَ يَا مَغْرِبِيُّ إِنْ أَحْبَبْتَ الرَّأْيَ فَعَلَيْكَ بِالعِرَاقِ»، فارتحل إلى محمد بن الحسن، ولا شك أن هذه الرواية تدل على إخلاص أولئك العلماء في طلب الحقيقة وحسن إرشادهم لتلاميذهم، فإنه لما رأى مالك فيه نزعة الفرض والتفريع وأن ذلك يحسن عند العراقيين أرشده إليه مخلصًا [1]. [1] انظر " مالك "، لأبي زهرة: ص 236، 249.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 61