نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 372
في ذلك [1]، وإلى منهي عنه لأمر خارج مجاور له، فإنه يقع صحيحًا، وتترتب عليه آثاره مع الإثم: كالوطء في الحيض، والذبح بسكين مغصوبة، لأن جهة المشروعية فيه تخالف جهة النهي، ولا تلازم بينهما، فترتب الآثار على الفعل أو القول باعتبار وقوعه كاملاً على الوجه المشروع فيه بحسب حقيقته، والإثم لازم، بسبب ما صاحبه من أمور خارجة عن تلك الحقيقة، فتعتبر الزوجة بالوطء في الحيض مدخولاً بها حقيقة وتحل لمن طلقها ثلاثًا، وإن كان الواطئ آثمًا. والذبح بسكين مغصوبة تذكى بها الذبيحة مع الإثم، وتصح الصلاة في الأرض المغصوبة، وتبرأ بها الذمة مع الإثم، والبيع وقت النداء لصلاة الجمعة يفيد آثاره مع الإثم [2].
وقد أغرق الظاهرية في تطبيق هذا الأصل، وأدى استمساكهم به [1] لا فرق عند الشافعية بين معنى البطلان والفساد، فكلاهما يدل على أن الفعل وقع على خلاف ما يطلب الشارع، سواء كان النهي عنه لذاته، أو لصفة ملازمة. أما الصحة فتدل على أن للفعل وقع على وفق ما طلب الشارع، فرتب عليه آثاره.
أما الحنفية فيفرقون بينهما: فالصحيح عندهم هو ما كان مشروعًا بأصله ووصفه، والفاسد: ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه، والباطل ما ليس مشروعًا، لا بأصله، ولا بوصفه. فالبيع الذي تجعل فيه الخمر ثمنًا بيع باطل أو فاسد عند الشافعية، للنهي عنه لوصف ملازم. وفاسد عند الحنفية، لا باطل: فيترتب عليه بعض آثار، كثبوت الملك إذا اتصل القبض بالبيع.
وقد اختار بعض العلماء التسوية بين البطلان والفساد في العبادات دون المعاملات، إذ ليس من المقبول أن يقع الفعل المنهي عنه قربة مجزئة عما وجب من العبادة، إذ لا يتقرب إلى الله بعصيانه، فكان النهي عن أفعال العبادة مستوجبًا بطلانها. لكن من الجائز بالنسبة للعقود أن يرتب الشارع آثارًا على عقد ما، ثم يرغب أن يقع العقد على وضع خاص، ومخالفة تلك الرغبة تستوجب الإثم، ولكن لا تستوجب عدم ترتب الأثر (وانظر " أسباب الاختلاف "، للأستاذ علي الخفيف: ص 125، 127؛ و" أصول التشريع " للأستاذ علي حسب الله: ص 190، 194). [2] انظر " فواتح الرحموت ": 2/ 398، 405؛ و" أصول التشريع "، للأستاذ علي حسب الله: ص 190 وما بعدها.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 372