نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 357
وإذا كان أهل الظاهر طائفة من المحدثين، فما الفرق إذن بين المحدثين وأهل الظاهر؟
إن بين الطائفتين فروقًا، نسجل أهمها فيما يأتي:
أولاً - جعل الظاهرية من الاتجاه إلى الظاهر مذهبًا ملتزمًا تقررله أصول وقواعد، جعلوها مطردة لا تتخلف، حتى لو أدت بهم إلى الإغراب والشذوذ.
فالالتزام والاطراد هما ما يميز أهل الظاهر عن أهل الحديث، إذ أن اتجاه أهل الحديث إلى الظاهر وإن كان وصفًا غالبًا - لم يكن مذهبًا ملتزمًا، ومنهجهم في ذلك أقرب شبهًا بمنهج الصحابة بعامة، وأوثق صلة بمنهج ابن عمر وأبي هريرة بخاصة.
هذا الالتزام والاطراد اللذان فرقا بين المحدثين وأهل الظاهر يمثلان العامل المشترك بين أهل الظاهر وأهل الرأي، وإن كان أهل الظاهر يحتلون الطرف البعيد المقابل لأهل الرأي.
وقد أشار الشاطبي إلى هذه الحقيقة، حين تساءل عن المجتهد الذي جاوز مرتبة الحفظ إلى مرتبة النظر فيما حفظ، حتى وصل من هذا النظر إلى الكشف عن علاقات عامة، تربط الشريعة، وتوضح اتجاهها وأهدافها وأحكامها الكلية مستخلصة من الأحداث الجزئية، فهل لهذا المجتهد حينئذٍ أن يجتهد بمقتضى الأحكام الكلية التي استخلصها، دون مراعاة للاعتبارات الخاصة بالجزئيات؟ أجاب قوم بالإيجاب، وآخرون بالنفي.
ثم ذكر الشاطبي أن من أمثلة هذه المرتبة «مَذْهَبُ مَنْ نَفَى القِيَاسَ جُمْلَةً وَأَخَذَ بِالنُّصُوصِ عَلَى الإِطْلاَقِ، وَمَذْهَبُ مَنْ أَعْمَلَ القِيَاسَ عَلَى الإِطْلاَقِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا خَالَفَهُ مِنَ الأَخْبَارِ جُمْلَةً، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 357