نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 205
وممن ذهب مذهب الأحناف في ذلك - مع اختلاف يسير - الإمام مالك، فقد قارب فقهاء العراق في عرضهم أخبار الآحاد على الكتاب، وقد استنبط المالكية من صنيع إمامهم أن مالكًا يقدم ظاهر القرآن على السنة إلا إذا عارض السنة أمر آخر، من قياس أو عمل أهل المدينة، وَرَدَّ لذلك بعض السنن [1].
وقد أيد الشاطبي مسلك الأحناف في عرض السنة على القرآن وذكر أن السلف الصالح كانوا يفعلونه، ثم قال بعد أن ذكر أمثلة لذلك: «وَفِي الشَّرِيعَةِ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، وَفِي اعْتِبَارِ السَّلَفِ لَهُ نَقْلٌ كَثِيرٌ. وَلَقَدِ اعْتَمَدَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ لِصِحَّتِهِ فِي الاعْتِبَارِ».
ثم ذكر بعض الأمثلة لأخذ مالك بهذا الأصل، وَرَدَّ بناء على القول به " حَدِيثَ غَسْلِ الإِنَاءِ مِنَ الكَلْبِ "، وَ" حَدِيثَ خِيَارِ المَجْلِسِ "، وَ" حَدِيثَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " [2].
أما المحدثون وغيرهم ممن ذهب إلى أن الكتاب والسنة في مرتبة سواء، أو أن السنة قاضية على الكتاب - فإنهم لم يأخذوا بمبدأ عرض الحديث على القرآن، بل هاجموه بشدة، ومنعوا أن يكون هناك حديث صحيح مخالف للقرآن ويعبر ابن حزم عن رأيهم فيقول: «لَا سَبِيلَ إِلَى وُجُودِ خَبَرٍ صَحِيحٍ مُخَالِفٍ لِلْقُرْآنِ أَصْلاً، وَكُلُّ خَبَرٍ شَرِيعَةٍ فَهُوَ إِمَّا مُضَافٌ إِلَى مَا فِي القُرْآنِ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَمُفَسِّرٌ لِجُمْلَتِهِ وَإِمَّا مُسْتَثْنَى مِنْهُ مُبَيِّنٌ لِجُمْلَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ» [3].
وقد صنف الإمام أحمد بن حنبل كتابًا في طاعة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة السنن، وقد ذكر [1] انظر " ابن حنبل "، للأستاذ أبي زهرة: ص 216، 218. [2] انظر " الموافقات ": 3/ 7، 12، المطبعة السلفية بمصر.
(3) " الإحكام " لابن حزم: 2/ 81.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 205