نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 20
ثم خصت الكلمة في الاصطلاح «بِالْعِلْمِ الحَاصِلِ بِجُمْلَةٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ [الفُرُوعِيَّةِ] بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ» [1] وهذا التعريف بجعل الفقه صفة علمية للإنسان، ولكننا عندما نقول: «إِنَّ الفِقْهَ الإِسْلَامِيَّ يَتَّسِمُ بِالمُرُونَةِ وَالشُّمُولِ»، فإننا نعني بالفقه حينئذٍ «مَجْمُوعَةَ الأَحْكَامِ العَمَلِيَّةِ وَالمَشْرَوعَةَ فِي الإِسْلَامِ» [2].
وهذا التجديد الاصطلاحي لكلمة الفقه، لم يتم فجأة وإنما استغرق وقتًا كافيًا تقلبت فيه الكلمة في مراحل مختلفة قبل أن تنتهي إلى هذا الاصطلاح، فقد وجدنا علماء القرنين الأول والثاني يطلقون كلمة الفقه على ما يشمل موضوعات الزهد وعلم الكلام: فَقَدْ رَوَى " الدَّارِمِيُّ " بِسَنَدِهِ عَنْ عِمْرَانَ المِنْقَرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ يَوْمًا فِي شَيْءٍ قَالَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ الفُقَهَاءُ. فَقَالَ: «وَيْحَكَ وَرَأَيْتَ أَنْتَ فَقِيهًا قَطُّ؟، إِنَّمَا الفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ، البَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ، المُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ» (3).
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (*)، قَالَ: قِيلَ لَهُ: «مَنْ أَفْقَهُ أَهْلِ المَدِينَةِ؟»، قَالَ: «أَتْقَاهُمْ لِرَبِّهِ [عَزَّ وَجَلَّ]» (4).
كَمَا رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «إِنَّ الفَقِيهَ حَقَّ الفَقِيهِ، مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَلَمْ يَدَعْ القُرْآنَ رَغْبَةً عنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، إِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَا عِلْمَ فِيهَا، وَلَا عِلْمٍ لَا فَهْمَ فِيهِ، وَلَا قِرَاءَةٍ لَا تَدَبُّرَ فِيهَا» (5).
وقد استمر عدم التحديد هذا حتى منتصف القرن الثاني، فقد رأينا أن أبا حنيفة ألف في العقائد ما سمي بـ " الفقه الأكبر ".
(1) " الأحكام " للآمدي: 1/ 7.
(2) " المدخل الفقهي العام " للزرقا: ص 24، 25.
(3): (5) " سنن الدارمي ": 1/ 89.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، انظر " السنن "، الدارمي (ت 255 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، حديث رقم 303، 1/ 338، (حاشية 1)، الطبعة الأولى: 1421 هـ - 2000 م، دار المغني للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 20