نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 194
حينئذ هو خير البيان وأولاه بالاتباع، لأنه عن مصدر التشريع، ومن أجل هذا يجب ألا يقتصر على ظاهر القرآن حتى يضم إليه ما جاءت به السنة، التي قد تصرفه عن ظاهره، أو تخصص عمومه أو تقيد مطلقه، أو توضح ما فيه من إجمال، ولا شك أن هذه تنطوي على الحق، ويقررها المخالفون.
ليس بين هذه الاتجاهات إذن خلافات جوهرية أو عميقة، ولكنها مع ذلك أدت إلى الخلاف حول عدد من الموضوعات، كما إذا تعارض ظاهر الكتاب مع ظاهر السنة، هل يقدم الكتاب، أم السنة؟ [1].
ويجدر بنا أن نشير إلى أن المحدثين لم يميلو إلى الاتجاه الذي يقدم الكتاب على السُنَّةِ، بل انحصر ميلهم في الاتجاهين الآخرين، فذهب أكثرهم إلى تقديم السُنَّةِ على الكتاب، وذهب القليل منهم إلى أنهما في مرتبة متساوية، كالإمام أحمد بن حنبل والإمام البخاري: فابن حنبل رأى أَنَّهُمَا نُصُوصٌ يُكَمِّلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، ولم يستسغ ما يقال من أن السُنَّةَ قَاضِيَةٌ عَلَى الكِتَابِ، فأبى أن يُرَدِّدَهُ وقال: «مَا أَجْسُرُ عَلَى هَذَا أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّ السُّنَّةَ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ» [2]. [1] انظر " إرشاد الفحول ": ص 254.
(2) " الموافقات " للشاطبي: 4/ 14؛ وانظر " جامع بيان العلم ": 2/ 191، 192. وتورع ابن حنبل لا يعني أنه يقدم الكتاب على السنة في استنباط الأحكام، فإنه من الناحية العلمية، كان يجعلها في مرتبة متساوية هي مرتبة النصوص، كما في " إعلام الموقعين ": 1/ 32، أو يجعل السنة حاكمة على الكتاب من حيث البيان، كما ذكر ذلك الأستاذ أبو زهرة في كتابه عنه: ص 213.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 194