نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 162
لَمَنَعَهُنَّ المَسَاجِدَ» [1]. وهذا يعني أنها تأخذ في اعتبارها عامل الزمن، وَرُجْحَانَ المصلحة في ضوء المقصود العام من التشريع.
وأيضًا ما روي عنها في هدي التطوع إذا عطب منه شيء قبل أن يبلغ محله، فإن هذا الهدي يجب حينئذٍ أن ينحر ويخلي بينه وبين الناس ولا يأكل منه، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِالهَدْيِ مَعَ نَاجِيَةَ الأَسْلَمِيِّ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهِ فِي دَمِهِ، وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ». وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [هَذَا الحَدِيثُ]، فَزَادَ فِيهِ: «وَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ أَنْتَ، وَلَا أَهْلُ رُفْقَتِكَ». وَقَالَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ» [2]. ولكن الهدي إذا عطب في الطريق ولا يوجد فقراء يخل بينهم وبينه، أيمتنع المهدي من أكله أخذًا بظاهر النص النبوي الكريم، فيترك حينئذٍ للسباع، أم يأكله هو ومن معه تجنبًا لإضاعة المال وحذرًا من الإسراف المذموم؟ إن السيدة عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - تقول في ذلك: «أَكْلُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَرْكِهِ لِلسِّبَاعِ» [3].
ويوضح هذا الاتجاه إلى التعليل أيضًا ما روي من نزول الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأبطح عند النفر من الحج - والنفر: هو الرجوع من مِنَى إلى مكة بعد رمي الجمرات - فقد ذهب أبو هريرة وابن عمر إلى أن ذلك من النسك فجعلاه من سنن الحج، وذهب ابن عباس وعائشة إلى أنه كان اتفاقيًا وليس من السنن ويحكي ابن قدامة هذا الخلاف فيقول: «قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ [1] انظر " المحلى ": 3/ 129، 149. 4/ 200 وقد ناقش ابن حزم قول عائشة وَبَيَّنَ أنه لا حجة فيه من جهات كثيرة. [2] انظر " بداية المجتهد ": 1/ 106؛ و" الترمذي بشرح ابن العربي ": 4/ 144.
(3) " النكت الطريفة "، للكوثري: ص 161، 162.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 162