3 - المُوَازَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي نَقْدِ الحَدِيثِ:
نقد الحديث والنظر فيه: وعرضه على العقل وعلى الأصول العامة في التشريع - من الأسس التي تميز المجموعة الأولى عن الثانية، ولعائشة وابن عباس في ذلك أخبار كثيرة نكتفي منها بما يأتي:
[أ] نَقْضُ الوُضُوءِ بِمَا مَسَّتْ النَّارُ:
وقد اختلف الصدر الأول في إيجاب الوضوء من أكل ما مسته النار، لاختلاف الآثار الواردة في ذلك عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذهبوا في ذلك ثلاثة مذاهب:
- الأول: لا يجب الوضوء بأكل شيء ما، سواء في ذلك ما مسته النار وما لم تمسه، ولا فرق في ذلك بين لحم جزور ولحم غيره، وهذا مذهب الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس لما روي في الصحاح وغيرها من «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، ولما رواه جابر: «كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ».
- المذهب الثاني: وجوب الوضوء مما مست النار، وهو مذهب أبي هريرة وابن عمر وعائشة.
- المذهب الثالث: وجوب الوضوء بأكل لحم الإبل خاصة، لأحاديث وردت في ذلك، فيها التفريق بين أكل لحم الشاة وأكل لحم الجزور، وفيها الأمر بالوضوء من لحم الإبل خاصة [3].
(1) " الطبقات " لابن سعد: 8/ 45؛ و" الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص 61، 62.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 1/ 16. [3] انظر " بداية المجتهد ": 1/ 31؛ و" الدراري المضية " للشوكاني: 1/ 60، 61؛ و" أسباب اختلاف الفقهاء " للخفيف: 36، 38.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 150