الثانية: يجوز نسخ السنة بالقرآن كالتوجه لبيت المقدس إذا قلنا إنه كان ثابتا بالسنة، فإنه نسخ بالقرآن، وكذا مباشرة الصائم ليلا حرمت بالسنة ثم نسخ تحريمها بالقرآن، والمشهور عن الشافعي منعه، ونسبه الرافعي لاختيار أكثر أصحابنا.
الثالثة: نسخ القرآن بالسنة له صورتان.
إحداهما: أن تكون متواترة، والمشهور جواز وقوعه ومنعه الشافعي.
والمشهور عنه الجزم بمنعه، كذا نقله إمام الحرمين والآمدي وابن الحاجب والنووي وغيرهم.
وذكر البيضاوي أن له في ذلك قولين،/ (86/ب/د) والظاهر أنه إنما نفى الوقوع فقط.
الثانية: أن تكون آحادا والمشهور جوازه عقلا، وحكى الآمدي وغيره الاتفاق عليه، لكن الخلاف ثابت، نقله القاضي أبو بكر وغيره، والمشهور عدم وقوعه، وحكى إمام الحرمين عليه إجماع الأمة لكن مخالفة بعض الظاهرية في هذا مشهورة وكأنه ما اعتد بخلافهم لكن ذهب القاضي أبو بكر والغزالي إلى وقوعه في زمنه عليه الصلاة والسلام دون ما بعده، ثم قال الشافعي: (حيث وقع نسخ القرآن بالسنة فلا بد أن يكون مع السنة قرآن يعضدها على النسخ، وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فلا بد أن يكون مع القرآن سنة موافقة له على النسخ) وعبارته في (الرسالة): (فإن قيل: فهل تنسخ السنة بالقرآن؟. قيل: لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة تبين أن سنته الأولى منسوخة بسنته الأخيرة حتى تقوم الحجة على الناس بأن الشيء ينسخ بمثله) انتهى.
وفائدته في الصورة الأولى الاطلاع على عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في نسخ القرآن بسنته، وفي عكسه، انتقال الناس من سنة إلى سنة لما يترتب عليه من الأجر العظيم، لأن من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.