كتب الأصول بعد التتبع، ومقصود ابن الحاجب الكلام في البسملة خاصة، ولما أفرد المصنف هذا الكلام عن البسملة أفهم ثبوته على الإطلاق، وأن البسملة ثبتت بالتواتر، قال: والحق أن ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله، لا خلاف في شرط التواتر فيه، وأما بحسب محله ووضعه وترتيبه فهل يشترط فيه التواتر أم يكفي فيه نقل الآحاد؟ هذا الذي يليق أن يكون محل الخلاف, قال: ثم رأيت الخلاف/ (24أ/م) مصرحاً به في كتاب (الانتصار) للقاضي أبي بكر، فقال ما نصه: (وقال قوم من الفقهاء والمتكلمين: يجوز إثبات قرآن وقراءة حكما لا علماً بخبر الواحد دون الاستفاضة، وكره أهل الحق ذلك وامتنعوا منه) انتهى.
قلت: الظاهر أن القاضي أبا بكر إنما أراد مسألة البسملة خاصة، ولهذا قيد ما ذكره بقوله: (حكما لا علماً) فلا يكون سلفاً للمصنف في حكاية الخلاف على الإطلاق، ولعل المصنف انتقل ذهنه من الخلاف في أن المنقول بخبر الواحد على أن يكون قرآناً هل يكون حجة إجراء له مجرى الأخبار أم لا؟ فإن الخلاف في ذلك معروف، وأما في ثبوته قرآناً فلا، والله أعلم.
ص: والسبع متواترة، قيل: فيما ليس من قبيل الأداء، كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة، قال أبو شامة: والألفاظ المختلف فيها بين القراء.
ش: القراءات السبع متواترة بإجماع من يعتد به، بشرط صحة إسنادها إلى أولئك القراء، ولا التفات إلى قول بعض المتأخرين، هي متواترة عن السبعة، ولكن أسانيدهم بها آحاد، لأنا نقول بل هي متواترة، واقتصارهم على بعض طرقهم لا يدل على أنه لا طريق لهم سواها، وقوله: (قيل) أشار به إلى قول ابن الحاجب: إن التواتر إنما هو فيما ليس من قبيل الأداء فأما ما كان من قبيل كالمد والإمالة وتخفيف الهمزة، فليس متواتراً، وضعف المصنف هذا، ومال إلى تواتره أيضاً، وإنما الآحاد كيفيته، فاختيار القراء