responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 67
صَغِيرَةً لَا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ، وَلَا تُوجِبُ فُسُوقًا إلَّا أَنْ يُصِرَّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ كَبِيرَةً إنْ وَصَلَ بِالْإِصْرَارِ إلَى تِلْكَ الْغَايَةِ فَإِنَّهُ لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ. وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ
كَمَا قَالَهُ السَّلَفُ، وَيَعْنُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةَ بِشُرُوطِهَا لَا طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَزْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُزِيلُ كِبَرَ الْكَبِيرَةِ أَلْبَتَّةَ فَفِي الْكِتَابِ فِيهِ ذِكْرُ الْكِبَرِ أَوْ الْعِظَمِ عَقِبَ ذِكْرِ جَرِيمَةٍ، وَفِي السُّنَّةِ فِي مُسْلِمٍ «قَالُوا مَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا وَقَدْ خَلَقَك قُلْت ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك خَوْفًا أَنْ يَأْكُلَ مَعَك قُلْت ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ، وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَشَهَادَةُ الزُّورِ» وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْقُبْلَةَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ صَغِيرَةً» فَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا، وَهُنَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
مَا حَقِيقَةُ الْإِصْرَارِ الَّذِي يُصَيِّرُ الصَّغِيرَةَ كَبِيرَةً وَقَعَ الْبَحْثُ فِيهِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُضَلَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَتَكَرَّرَ الذَّنْبُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ يَعْزِمُ عَلَى الْعَوْدِ أَمْ لَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ تَكَرَّرَ مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ لَمْ يَكُنْ إصْرَارًا بِأَنْ يَفْعَلَ الذَّنْبَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَهُوَ لَا يَخْطُرُ لَهُ مُعَاوَدَتُهُ لِدَاعِيَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ فَيَفْعَلُهُ كَذَلِكَ مِرَارًا فَهَذَا لَيْسَ إصْرَارًا، وَتَارَةً يَفْعَلُ الذَّنْبَ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى مُعَاوَدَتِهِ فَيُعَاوِدُهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْعَزْمِ السَّابِقِ فَهَذَا هُوَ الْإِصْرَارُ النَّاقِلُ لِلصَّغِيرَةِ لِدَرَجَةِ الْكَبِيرَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] وَيُقَالُ فُلَانٌ مُصِرٌّ عَلَى الْعَدَاوَةِ أَيْ مُصَمِّمٌ بِقَلْبِهِ عَلَيْهَا، وَعَلَى مُصَاحَبَتِهَا، وَمُدَاوَمَتِهَا، وَلَا يُفْهَمُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَا حَقِيقَةُ الْإِصْرَارِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ)
قُلْت الْإِصْرَارُ لُغَةً الْمُقَامُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُعَاوَدَةُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِعْلًا أَوْ غَيْرَهُ، لَا مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ، مِنْ أَنَّهُ الْعَزْمُ وَالتَّصْمِيمُ عَلَى الشَّيْءِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَالْإِصْرَارُ الْمُصَيِّرُ لِلصَّغِيرَةِ كَبِيرَةً مَانِعَةً مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ الْمُعَاوَدَةُ لَهَا مُعَاوَدَةً تُشْعِرُ بِالْجُرْأَةِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لَا الْمُعَاوَدَةُ الْمُقْتَرِنَةُ بِالْعَزْمِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعَزْمَ مِمَّا لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ. فَإِنْ قِيلَ الْجُرْأَةُ أَمْرٌ بَاطِنٌ قُلْت لِمَ اشْتَرَطَ الْجُرْأَةَ بِنَفْسِهَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَتْ الْإِشْعَارَ بِهَا وَهُوَ مِمَّا يُدْرِكُهُ مَنْ يَتَأَمَّلُ أَحْوَالَ الْمَوَاقِعِ لِلْمُخَالَفَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ كَمَا قَالَ بِهِمَا مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى الْوَدِيعَةِ بِجَامِعِ حِفْظِ الْمَالِ فَيَلْزَمُ النَّدْبُ أَوْ قِيَاسًا عَلَى إنْقَاذِ الْمَالِ الْهَالِكِ فَيَلْزَمُ الْوُجُوبُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْذُهَا مَنْدُوبٌ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الضِّيَاعِ فَيَجِبُ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْكَرَاهَةُ لِمَا فِي الِالْتِقَاطِ مِنْ تَعْرِيضِ نَفْسِهِ لِأَكْلِ الْحَرَامِ وَتَضْيِيعِ الْوَاجِبِ مِنْ التَّعْرِيفِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى كَتَوَلِّي مَالِ الْيَتِيمِ، وَتَخْلِيلِ الْخَمْرِ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الدُّخُولَ فِي التَّكَالِيفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} [الأحزاب: 72] أَيْ ظَلُومًا لِنَفْسِهِ بِتَوْرِيطِهَا وَتَعْرِيضِهَا لِلْعِقَابِ، وَجَهُولًا بِالْعَوَاقِبِ وَالْحَزْمِ فِيهَا، وَالْأَمَانَةُ قَالَ الْعُلَمَاءُ هِيَ هَا هُنَا التَّكَالِيفُ اهـ.
(التَّنْبِيهُ الثَّانِي) قَالَ الْأَصْلُ أَيْضًا وُجُوبُ حِفْظِ اللُّقَطَةِ عَنْ الضَّيَاعِ لِقَاعِدَةِ أَنَّ خَمْسًا أَجْمَعَتْ الْأُمَمُ مَعَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ عَلَيْهَا، وَهِيَ وُجُوبُ حِفْظِ النُّفُوسِ فَيَحْرُمُ الْقَتْلُ بِإِجْمَاعِ الشَّرَائِعِ، وَيَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَوُجُوبُ حِفْظِ الْعُقُولِ فَتَحْرُمُ الْمُسْكِرَاتُ بِإِجْمَاعِ الشَّرَائِعِ، وَيَجِبُ فِيهَا الْحَدُّ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ فِي شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ فَحُرِّمَ فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ، وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ بِتَنَاوُلِ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ، وَأُبِيحَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الشَّرَائِعِ لِعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فِيهِ، وَوُجُوبُ حِفْظِ الْأَعْرَاضِ فَيَحْرُمُ الْقَذْفُ، وَسَائِرُ السِّبَابِ، وَيَجِبُ فِي ذَلِكَ الْحَدُّ أَوْ التَّعْذِيرُ، وَوُجُوبُ حِفْظِ الْأَنْسَابِ فَيَحْرُمُ الزِّنَا فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ، وَيَجِبُ فِيهِ إمَّا الرَّجْمُ أَوْ الْحَدُّ، وَوُجُوبُ حِفْظِ الْأَمْوَالِ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ فَتَحْرُمُ السَّرِقَةُ، وَيَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ أَوْ التَّعْزِيرُ، وَكَذَا نَحْوُهَا اهـ بِزِيَادَةٍ مِنْ مُحَلَّى جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَزَادَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ سَادِسًا، وَهُوَ وُجُوبُ حِفْظِ الدِّينِ الْمَشْرُوعِ لَهُ قَتْلُ الْكُفَّارِ، وَعُقُوبَةُ الدَّاعِينَ إلَى الْبِدَعِ اهـ.
مَعَ شَرْحِ الْمُحَلَّى فَافْهَمْ.
(التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ) قَالَ الْأَصْلُ أَيْضًا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ قَاعِدَتَيْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مَا لَا يَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ فَإِنَّ تَكْرِيرَ فِعْلِ النُّزُولِ بَعْدَ شَيْلِ الْغَرِيقِ لَا يُحَصِّلُ مَصْلَحَةً بَعْدَ ذَلِكَ، وَفَرْضُ الْأَعْيَانِ مَا تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْإِجْلَالُ، وَالتَّعْظِيمُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ يَتَكَرَّرُ حُصُولُهُ بِتَكَرُّرِ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ أَخْذَ اللُّقَطَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ]
(الْفَرْقُ الْعِشْرُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ، وَهِيَ أَنَّ الْمَصَالِحَ الَّتِي مِنْهَا اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ فِي التَّصَرُّفَاتِ لِحُصُولِ الضَّبْطِ بِهَا ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا انْضِبَاطَ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست