responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 276
وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ أَيْ مِنْ الْبَلَايَا وَالرَّزَايَا وَالْمَكْرُوهَاتِ جَازَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدُلَّ النُّصُوصُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بِخِلَافِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهَا مَرْفُوعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَيَقْتَضِي طَلَبَ رَفْعِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْعُمُومَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ لَا بِالنِّيَّةِ وَلَا بِالْعَادَةِ عَصَى لِاشْتِمَالِ الْعُمُومِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَرَامًا؛ لِأَنَّ فِيهِ طَلَبَ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْمٍ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194] وَوَعْدُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فَقَدْ طَلَبَ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَهُوَ عَيْنُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَدَحَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَمْنَعُهُ قُلْتُ إنَّمَا جَازَ لَهُمْ سُؤَالُ مَا وَعَدَهُمْ اللَّهُ بِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ لَهُمْ مَشْرُوطٌ بِالْوَفَاةِ عَلَى الْإِيمَانِ.
وَهَذَا شَرْطٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْمَشْرُوطِ فَمَا طَلَبُوا إلَّا مَشْكُوكًا فِي حُصُولِهِ لَا مَعْلُومَ الْحُصُولِ، وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ مَجْهُولٌ بَلْ عُلِمَ مِنْ الشَّرِيعَةِ بِالضَّرُورَةِ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ مُطْلَقًا، فَإِنْ قُلْت فَإِذَا جَوَّزْت
ـــــــــــــــــــــــــــــSأَنَّ طَلَبَ الْعَفْوِ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الْعَفْوِ عَنْ التَّسَبُّبِ وَطَلَبَ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ طَلَبٌ لِلْعَفْوِ عَمَّا لَمْ يُعْلَمْ الْعَفْوُ عَنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ (وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ أَيًّا مِنْ الْبَلَايَا وَالرَّزَايَا وَالْمَكْرُوهَاتِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَدُلَّ النُّصُوصُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ) قُلْت مَا قَالَهُ هُنَا صَحِيحٌ. قَالَ (بِخِلَافِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهَا مَرْفُوعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَيَقْتَضِي طَلَبَ رَفْعِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْعُمُومَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ لَا بِالنِّيَّةِ وَلَا بِالْعَادَةِ عَصَى لِاشْتِمَالِ الْعُمُومِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فَيَكُونُ ذَلِكَ حَرَامًا؛ لِأَنَّ فِيهِ طَلَبَ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْمٍ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194] وَوَعْدُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فَقَدْ طَلَبُوا تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ وَهُوَ عَيْنُ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَقَدْ مَدَحَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَمْنَعُهُ قَالَ قُلْت إنَّمَا جَازَ لَهُمْ سُؤَالُ مَا وَعَدَهُمْ اللَّهُ بِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ لَهُمْ مَشْرُوطٌ بِالْوَفَاةِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَهَذَا شَرْطٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْمَشْرُوطِ فَمَا طَلَبُوا إلَّا مَشْكُوكًا فِي حُصُولِهِ لَا مَعْلُومَ الْحُصُولِ. وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ شَرْطٌ مَجْهُولٌ بَلْ عُلِمَ مِنْ الشَّرِيعَةِ بِالضَّرُورَةِ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ مُطْلَقًا، فَإِنْ قُلْت فَإِذَا جَوَّزْت
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْفُجُورِ.
إذْ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُحْدِثُونَ أَسْبَابًا يَقْتَضِي الشَّرْعُ فِيهَا أُمُورًا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ عَدَمِ سَبَبِهَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا شَرْعٌ مُتَجَدِّدٌ بَلْ عُلِمَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ لَوْ وُجِدَتْ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ لَكَانَتْ هَذِهِ الْمُسَبِّبَاتُ مِنْ فِعْلِهِمْ وَصُنْعِهِمْ، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِتَأَخُّرِ سَبَبِهِ، وَلَا يَقْتَضِي وُقُوعُ الْحُكْمِ عِنْدَ وُقُوعِ سَبَبِهِ تَجْدِيدَ شَرْعٍ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَوْ أَنْزَلَ حُكْمًا فِي اللِّوَاطِ مِنْ رَجْمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ فَلَمْ يُوجَدْ اللِّوَاطُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ وَوُجِدَ فِي زَمَنِنَا اللِّوَاطُ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهِ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ لَمْ نَكُنْ مُجَدِّدِينَ لِشَرْعٍ بَلْ مُتَّبِعِينَ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ، وَلَا فَرْقَ أَنْ نَعْلَمَ ذَلِكَ بِنَصٍّ أَوْ بِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُوَ مَا لَا يُبَاحُ مِنْ إكْرَامِ النَّاسِ.
وَذَلِكَ أَنَّ مَا وَرَدَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ بِهِ مِنْ إكْرَامِ النَّاسِ هُوَ نَحْوُ مَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ مِنْ إفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَالْمُصَافَحَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالِاسْتِئْذَانِ عِنْدَ الدُّخُولِ، وَأَنْ لَا يَجْلِسَ عَلَى تَكْرِمَةِ أَحَدٍ أَيْ عَلَى فِرَاشِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَؤُمَّ فِي مَنْزِلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ أَحَدًا فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَمَا لَمْ تَرِدْ نُصُوصُ الشَّرْعِ بِهِ، وَلَا كَانَ فِي السَّلَفِ بَلْ تَجَدَّدَتْ أَسْبَابُ اعْتِبَارِهِ فِي عَصْرِنَا فَتَعَيَّنَ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ فِعْلُهُ مِنْ إكْرَامِ النَّاسِ قَالَ الْأَصْلُ: هُوَ مَا فِي زَمَانِنَا مِنْ الْقِيَامِ لِلدَّاخِلِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَمِنْ إحْنَاءِ الرَّأْسِ لَهُ إنْ عَظُمَ قَدْرُهُ جِدًّا وَمِنْ الْمُخَاطَبَةِ بِجَمَالِ الدِّينِ وَنُورِ الدِّينِ وَعِزِّ الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نُعُوتِ التَّكْرِمَةِ وَأَنْوَاعِ الْمُخَاطَبَاتِ لِلْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَأُولِي الرِّفْعَةِ مِنْ الْوُلَاةِ وَالْعُظَمَاءِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَمِنْ الْمُكَاتَبَاتِ بِنُعُوتِ التَّكْرِيمِ أَيْضًا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِهِ كَتَسْطِيرِ اسْمِ الْإِنْسَانِ الْكَاتِبِ بِالْمَمْلُوكِ وَنَحْوِهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّنَزُّلِ وَالتَّعْبِيرِ عَنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِالْمَجْلِسِ الْعَالِي وَالسَّامِي وَالْجَنَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْصَافِ الْعُرْفِيَّةِ وَالْمُكَاتَبَاتِ الْعَادِيَّةِ وَمِنْ تَرْتِيبِ النَّاسِ فِي الْمَجَالِسِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ: فَهَذَا كُلُّهُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ لَمْ تَكُنْ فِي السَّلَفِ وَنَحْنُ الْيَوْمَ نَفْعَلُهُ فِي الْمُكَارَمَاتِ وَالْمُوَالَاتِ.
وَهُوَ جَائِزٌ مَأْمُورٌ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ بِدْعَةً مَكْرُوهَةً تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَجَدَّدَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ صَارَ تَرْكُهَا يُوجِبُ الْمُقَاطَعَةَ الْمُحَرَّمَةَ فَتَعَارَضَ فِي فِعْلِهَا الْمَكْرُوهِ، وَفِي تَرْكِهَا الْمُحَرَّمِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَكْرُوهُ وَالْمُحَرَّمُ قُدِّمَ الْمُحَرَّمُ، وَالْتُزِمَ دَفْعُهُ وَحَسْمُ مَادَّتِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْمَكْرُوهُ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ لَكِنَّ هَذَا التَّعَارُضَ مَا وَقَعَ إلَّا فِي زَمَنِنَا فَاخْتَصَّ الْحُكْمُ بِهِ فَعَلَى هَذَا الْقَانُونِ يَجْرِي هَذَا الْقِسْمُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُبِيحَ مُحَرَّمًا، وَلَا يَتْرُكَ وَاجِبًا وَحِينَئِذٍ فَمَا خَرَجَ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست