responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 258
وَأَنَّهُمْ مَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَذْلَ النُّفُوسِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَأْمُورٌ بِهِ وَقُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا بِسَبَبِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَزْوِيجِ الرَّبِيبَةِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَجَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ الْجِهَادِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَلِمَةٍ وَكَلِمَةٍ كَانَتْ فِي الْأُصُولِ أَوْ الْفُرُوعِ مِنْ الْكَبَائِرِ أَوْ الصَّغَائِرِ، وَقَدْ خَرَجَ ابْنُ الْأَشْعَثِ مَعَ جَمْعٍ كَبِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ فِي قِتَالِ الْحَجَّاجِ وَعَرَّضُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْقَتْلِ وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلَائِقُ كَثِيرَةٌ بِسَبَبِ إزَالَةِ ظُلْمِ الْحَجَّاجِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ لَا فِي الْأُصُولِ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْجِدِّ وَالْعَزَائِمِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ فَيَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْعُظْمَى إنَّمَا تُمْنَعُ إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَبِيلِ أَمَّا هَذَا فَلَا؛ فَتَلَخَّصَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ تِلْكَ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَمُحَرَّمٌ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ الْمُلَابِسُ تَحْرِيمَهُ، وَإِذَا فُقِدَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَمَنْدُوبٌ إذَا كَانَ لَا يَعْتَقِدُ حِلَّهُ، وَلَا حُرْمَتَهُ، وَهُوَ مُتَقَارِبُ الْمَدَارِكِ، وَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا أَوْ الْمَتْرُوكُ مَنْدُوبًا لَا وَاجِبًا فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْفَرْقِ

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ النُّجُومِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ]
(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ النُّجُومِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ)
ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّوَجُّهَ لِلْكَعْبَةِ لَا يَسُوغُ فِيهِ التَّقْلِيدُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى التَّعَلُّمِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ، وَمُعْظَمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ فِي النُّجُومِ فَيَجِبُ تَعَلُّمُ مَا تُعْلَمُ بِهِ الْقِبْلَةُ كَالْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَعَلُّمَ هَذَا الْقِسْمِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَتَعَلَّمُ مِنْ أَحْكَامِ النُّجُومِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ وَأَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَمَا مَضَى مِنْهُ وَمَا يَهْتَدِي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَتُعْرَفُ مَوَاضِعُهَا مِنْ الْفَلَكِ وَأَوْقَاتِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 97]
(قُلْت:) وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْهَا أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْأَوْقَاتِ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي أَوْقَاتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوقَوْله تَعَالَى {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [البقرة: 150] وقَوْله تَعَالَى {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت: 10] لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ جَعَلَ أَذِيَّةَ النَّاسِ حَاثَّةً عَلَى طَاعَتِهِمْ فِي ارْتِكَابِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَزَجْرَهُ لَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - كَمَا وَضَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَذَابَهُ حَاثًّا عَلَى طَاعَتِهِ وَزَاجِرًا عَنْ مَعْصِيَتِهِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ عَذَابِ اللَّهِ وَفِتْنَةِ النَّاسِ فِي الْحَثِّ وَالزَّجْرِ فَتَشْبِيهُهُ الْفِتْنَةَ بِعَذَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ هَذَا الْوَجْهِ حَرَامٌ قَطْعًا مُوجِبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ مِنْ بَابِ خَوْفِ غَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمُحَرَّمِ وَهُوَ سِرُّ التَّشْبِيهِ هَا هُنَا وَأَنَّ الْخَوْفَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - غَيْرُ مُحَرَّمٍ إنْ كَانَ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكِ مُحَرَّمٍ وَكَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْخَوْفِ كَالْخَوْفِ مِنْ الْأُسُودِ وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ وَالظُّلْمَةِ وَكَالْخَوْفِ مِنْ أَرْضِ الْوَبَاءِ، وَمِنْ الْمَجْذُومِ عَلَى أَجْسَامِنَا مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ بَلْ صَوْنُ النُّفُوسِ وَالْأَجْسَامِ وَالْمَنَافِعِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ عَنْ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] .
وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» وَعَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ فَقِسْ يَظْهَرْ لَك مَا يَحْرُمُ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَمَا لَا يَحْرُمُ، وَحَيْثُ تَكُونُ الْخَشْيَةُ مِنْ الْخَلْقِ مُحَرَّمَةً، وَحَيْثُ لَا تَكُونُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ، هَذَا تَنْقِيحُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ قُلْت: وَمُرَادُهُ بِالْخَوْفِ مِنْ أَرْضِ الْوَبَاءِ خَوْفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا مِنْ دُخُولِهَا فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِمَّا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا سَمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ جُرْأَةٌ عَلَى خَطَرٍ وَإِيقَاعٌ لِلنَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ وَالشَّرْعُ نَاهٍ عَنْ ذَلِكَ قَالَ اللَّه - تَعَالَى - {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] وَقَالَ الشَّيْخُ: النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ أَفَادَهُ الْعَزِيزِيُّ فَلَا يُنَافِي مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْفَارُّ مِنْ الطَّاعُون كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ، وَالصَّابِرُ فِيهِ كَالصَّابِرِ فِي الزَّحْفِ» وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَيْضًا «الْفَارُّ مِنْ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنْ الزَّحْفِ، وَمَنْ صَبَرَ فِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَزِيزِيِّ أَنَّهُ كَمَا يَحْرُمُ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ يَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْ بَلَدٍ وَقَعَ فِيهَا الطَّاعُونُ بِقَصْدِ الْفِرَارِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْحِفْنِيِّ فَإِنْ خَرَجَ لِنَحْوِ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. اهـ.
وَسَيَأْتِي نَقْلُ صَاحِبِ الْقَبَسِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا عَدْوَى» أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى بَعْضِ الْأَمْرَاضِ بِدَلِيلِ تَحْذِيرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست