responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 247
وَالْإِنْجِيلِ النَّازِلِ بِسَاغَيْنِ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ وَالْقُرْآنِ النَّازِلِ بِمَكَّةَ وَاسْمُهَا فَارَانُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَقَّ جَاءَ مِنْ سَيْنَاءَ، وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَكَثُرَ ظُهُورُهُ وَعَلَنُهُ بِتَقْوِيَةِ الْإِنْجِيلِ لَهُ فَإِنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بُعِثَ لِنُصْرَةِ التَّوْرَاةِ وَتَقْوِيَتِهَا وَإِرَادَةِ الْعَلَانِيَةِ وَالظُّهُورِ، وَاسْتُكْمِلْ الْحَقُّ وَاسْتُوْفِيَتْ الْمَصَالِحُ وَوَصَلَ الْبَيَانُ وَالْكَمَالُ فِي الشَّرْعِ إلَى أَقْصَى غَايَاتِهِ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْكُتُبُ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهِ وَقِبَلِهِ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ ذَلِكَ «يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ» الْحَدِيثَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّهُ تَنْزِلُ رَحْمَتُهُ فَسَمَّاهَا بِاسْمِهِ لِكَوْنِهَا مِنْ قِبَلِهِ وَمِنْ أَثَرِهِ كَذَلِكَ هَذِهِ الْمُثُلُ الْقَائِلَةُ فِي النَّوْمِ أَنَا اللَّهُ هُوَ صَحِيحٌ جَائِزٌ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا تَقَدَّمَ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ اللَّهَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْخَلَائِقِ فِي صُورَةٍ يُنْكِرُونَهَا وَيَقُولُونَ لَسْت رَبَّنَا» فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِيهِمْ فِي صُورَةٍ وَتَسْمِيَتُهُ لِهَذِهِ الصُّورَةِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّهَا صُورَةٌ مِنْ آثَارِهِ وَفِتْنَةٌ يَخْتَبِرُ بِهَا خَلْقَهُ؛ فَلِهَذِهِ الْمُلَازَمَةِ وَالْعَلَاقَةِ حَسُنَ إطْلَاقُ لَفْظِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهَا مَجَازًا كَمَا تَقَدَّمَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْمُثُلُ فِي النَّوْمِ حُكْمُهَا حُكْمُ هَذِهِ الْأَجْسَامِ فِي الْيَقَظَةِ
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَرَى هَذِهِ الصُّورَةَ الْحَسَنَةَ الْجِسْمِيَّةَ، وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - حَقِيقَةً، وَلَا يَخْطِرُ لَهُ فِي النَّوْمِ مَعْنَى الْمَجَازِ أَلْبَتَّةَ فَهَذِهِ الرُّؤْيَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ صَحِيحَةً، وَيَكُونَ الْمُرَادُ الْمَجَازَ، وَهُوَ جَهْلُ الْمَجَازِ فَكَانَ الْغَلَطُ مِنْهُ لَا فِي الرُّؤْيَا كَمَا يَرِدُ اللَّفْظُ فِي الْيَقَظَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَجَازُ وَالسَّامِعُ يَفْهَمُ الْحَقِيقَةَ كَمَا اتَّفَقَ لِلْحَشَوِيَّةِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ فَكَانَ الْغَلَطُ مِنْهُمْ لَا فِي الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّؤْيَا كَذِبًا وَمُحَالًا، وَالشَّيْطَانُ يُخَيِّلُ لَهُ بِذَلِكَ لِيَضِلَّهُ أَوْ يُخْزِيَهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَكَائِدِهِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَهَذِهِ الرُّؤْيَا مَوْضِعُ التَّثَبُّتِ وَالْخَوْفِ مِنْ الْغَلَطِ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ هَذَا الرَّائِي وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْزِمَ بِأَنَّ الَّذِي رَآهُ لَيْسَ رَبَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ بَلْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَاقِعٌ لَهُ وَيَنْظُرُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ مِنْهُمَا فَيَعْتَقِدُهُ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَعْرَضَ عَنْ الرُّؤْيَا بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى يَتَّضِحَ الصَّوَابُ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّ الَّذِي رَآهُ رَبُّهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَقَدْ كَفَرَ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ النَّاشِئِ لَهُ عَنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِ الْحَشَوِيَّةِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْجِسْمُ وَتِلْكَ الْحَالَةُ فِيهَا مِنْ الْحَقَارَةِ وَمُنَافَاةِ الرُّبُوبِيَّةِ مَا يُجْمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى تَكْفِيرِهِ وَتُكَفِّرُهُ الْحَشَوِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ كَصُورَةِ الدَّجَّالِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْحَشَوِيَّةَ لَيْسَتْ كُفَّارًا إنَّمَا هُوَ مَعَ قَوْلِهِمْ بِالتَّنَزُّهِ عَنْ الْعَوَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُهَا وَقْتَ يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ فِي الْمَبْدَأِ، وَالنَّفْيُ الْعَامُّ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ إذَا اقْتَضَتْهُ النُّصُوصُ أَوْ الْقَوَاعِدُ قَالَ الْأَصْلُ: وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِ الْقَلْبِ نَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - الْعَافِيَةَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ ذُنُوبِ الْقَلْبِ يَكُونُ مَعَهُ الْفَتْحُ إلَّا الْكِبْرَ. اهـ.
هَذَا تَهْذِيبُ مَا فِي الْأَصْلِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الزَّوَاجِرِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْكِبْرِ وَقَاعِدَةِ الْعُجْبِ]
(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْكِبْرِ وَقَاعِدَةِ الْعَجَبِ)
وَهُوَ مِنْ جِهَتَيْنِ أَيْضًا
(الْجِهَة الْأُولَى) : مَا فِي الْأَصْلِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مِنْ أَنَّ الْكِبْرَ رَاجِعٌ لِلْخَلْقِ وَالْعِبَادِ كَمَا عُلِمَ مِنْ حَقِيقَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْعَجَبُ رَاجِعٌ لِلْعِبَادَةِ؛ إذْ هُوَ رُؤْيَةُ الْعِبَادَةِ وَاسْتِعْظَامُهَا مِنْ الْعَبْدِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ تَكُونُ بَعْدَ الْعِبَادَةِ، وَمُتَعَلِّقَةٌ بِهَا هَذَا التَّعَلُّقَ الْخَاصَّ كَمَا يَتَعَجَّبُ الْعَابِدُ بِعِبَادَتِهِ.
وَالْعَالِمُ بِعِلْمِهِ، وَكُلُّ مُطِيعٍ بِطَاعَتِهِ، وَهُوَ - وَإِنْ كَانَ حَرَامًا - لَا يُفْسِدُ الْعِبَادَةَ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الرِّيَاءِ فَإِنَّهُ يَقَعُ مَعَهَا فَيُفْسِدُهَا وَسِرُّ تَحْرِيمِ الْعَجَبِ أَنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْظِمَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى سَيِّدِهِ بَلْ يَسْتَصْغِرُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَظَمَةِ سَيِّدِهِ لَا سِيَّمَا عَظَمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ فَمَنْ أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ وَعِبَادَتِهِ فَقَدْ هَلَكَ مَعَ رَبِّهِ، وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِمَقْتِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَسَخَطِهِ وَنَبَّهَ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] مَعْنَاهُ يَفْعَلُونَ مِنْ الطَّاعَاتِ مَا يَفْعَلُونَ وَهُمْ خَائِفُونَ مِنْ لِقَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِتِلْكَ الطَّاعَةِ احْتِقَارًا لَهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ هَذِهِ الصِّفَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهَا اهـ
(وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ) مَا فِي الزَّوَاجِرِ لِابْنِ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ الْكِبْرَ إمَّا بَاطِنٌ، وَهُوَ خُلُقٌ فِي النَّفْسِ وَاسْمُ الْكِبْرِ بِهَذَا أَحَقُّ أَيْ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر: 56] فَجَعَلَ مَحِلَّهُ الْقَلْبَ وَالصُّدُورَ، وَإِمَّا ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَعْمَالٌ تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ، وَهِيَ ثَمَرَاتُ ذَلِكَ الْخُلُقِ، وَعِنْدَ ظُهُورِهَا يُقَالُ لَهُ تَكَبُّرٌ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا يُقَالُ فِي نَفْسِهِ كِبْرٌ فَالْأَصْلُ هُوَ خُلُقُ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِرْوَاحُ وَالرُّكُونُ إلَى رُؤْيَةِ النَّفْسِ فَوْقَ الْمُتَكَبَّرِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَسْتَدْعِي مُتَكَبَّرًا عَلَيْهِ وَمُتَكَبِّرًا بِهِ بِخِلَافِ الْعَجَبِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي غَيْرَ الْمُعْجَبِ بِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ انْفِرَادُهُ دَائِمًا أَمْكَنَ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ الْعَجَبُ دُونَ الْكِبْرِ، وَمُجَرَّدُ اسْتِعْظَامِ الشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي التَّكَبُّرَ إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَرَى أَنَّهُ فَوْقَهُ اهـ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست