responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 240
وَقَعَتْ هَامَةٌ عَلَى بَيْتٍ خَرَجَ مِنْهُ مَيِّتٌ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ إذَا قُتِلَ أَحَدٌ خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ طَائِرٌ لَا يَزَالُ يَقُولُ اسْقُونِي حَتَّى يَقْتُلَ قَاتِلَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْخَبَرُ نَهْيًا وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ تَكْذِيبًا، وَلَا صَفَرَ هُوَ النَّسِيءُ الَّتِي كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تُحَرِّمُ فِيهِ صَفَرَ لِتُبِيحَ بِهِ الْمُحَرَّمَ وَقِيلَ: كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ: هُوَ دَاءٌ فِي الْجَوْفِ يَقْتُلُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَمُوتُ إلَّا بِأَجَلِهِ وَالْمُمْرِضُ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ الْمَرِيضَةِ وَالْمُصِحُّ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ الصَّحِيحَةِ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ وَمَعْنَى الْمُمْرِضِ الْمُصِحِّ بِإِيرَادِ مَاشِيَةٍ عَلَى مَاشِيَةٍ فَيُؤْذِيهِ بِذَلِكَ فَنُسِخَ بِقَوْلِهِ «لَا عَدْوَى» وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ الْمَجْذُومُ مَحَلَّ الصَّحِيحِ مَعَهُ يُؤْذِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْدِي فَالنَّفْسُ تَكْرَهُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الضَّرَرِ لَا مِنْ الْعَدْوَى وَقِيلَ: هُوَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا عَدْوَى»

(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الطِّيَرَةِ، وَقَاعِدَةِ الْفَأْلِ الْحَلَالِ الْمُبَاحِ وَالْفَأْلِ الْحَرَامِ)
أَمَّا التَّطَيُّرُ وَالطِّيَرَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَتْ حَقِيقَتُهُمَا وَأَحْكَامُهُمَا، وَأَمَّا الْفَأْلُ فَهُوَ مَا يُظَنُّ عِنْدَهُ الْخَيْرُ عَكْسُ الطِّيَرَةِ وَالتَّطَيُّرِ غَيْرَ أَنَّهُ تَارَةً يَتَعَيَّنُ لِلْخَيْرِ، وَتَارَةً لِلشَّرِّ وَتَارَةً مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا فَالْمُتَعَيِّنُ لِلْخَيْرِ مِثْلُ الْكَلِمَةِ الْحَسَنَةِ يَسْمَعُهَا الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ نَحْوُ يَا فَلَّاحُ يَا مَسْعُودُ وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الْوَلَدِ وَالْغُلَامِ بِالِاسْمِ الْحَسَنِ حَتَّى مَتَى سَمِعَ اسْتَبْشَرَ الْقَلْبُ فَهَذَا فَأْلٌ حَسَنٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَوَّلَ أَسْمَاءَ مَكْرُوهَةً مِنْ أَقْوَامٍ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِأَسْمَاءٍ حَسَنَةٍ فَهَذَانِ الْقِسْمَانِ هُمَا الْفَأْلُ الْمُبَاحُ وَعَلَيْهِمَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: «إنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ» وَأَمَّا الْفَأْلُ الْحَرَامُ فَقَدْ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إنَّ أَخْذَ: الْفَأْلِ مِنْ الْمُصْحَفِ وَضَرْبَ الرَّمْلِ وَالْقُرْعَةِ وَالضَّرْبِ بِالشَّعِيرِ وَجَمِيعَ هَذَا النَّوْعِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ.
وَالْأَزْلَامُ أَعْوَادٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَكْتُوبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا افْعَلْ وَعَلَى الْآخَرِ لَا تَفْعَلْ وَعَلَى الْآخَرِ غُفْلٌ فَيَخْرُجُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ وَجَدَ عَلَيْهِ افْعَلْ أَقْدَمَ عَلَى حَاجَتِهِ الَّتِي يَقْصِدُهَا أَوْ لَا تَفْعَلْ أَعْرَضَ عَنْهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا ذَمِيمَةٌ، أَوْ خَرَجَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ غُفْلٌ أَعَادَ الضَّرْبَ فَهُوَ يَطْلُبُ قَسْمَهُ مِنْ الْغَيْبِ بِتِلْكَ الْأَعْوَادِ فَهُوَ اسْتِقْسَامٌ أَيْ طَلَبُ الْقَسْمِ الْجَيِّدِ يَتْبَعُهُ، وَالرَّدِيءِ يَتْرُكُهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ الْفَأْلَ مِنْ الْمُصْحَفِ أَوْ غَيْرِهِ إنَّمَا يَعْتَقِدُ هَذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولِهَا فِيهَا خِلَافٌ وَقَعَ فِي أَوَّلِ الْعَصْرِ الَّذِي أَدْرَكْته يَعْنِي أَوَائِلَ الْقَرْنِ السَّابِعِ فَادَّعَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَضَيَّقَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَكْثَرُوا التَّشْنِيعَ فَقَالَ الْأَبْيَانِيُّ فِي مُصَنَّفِهِ: لَا يَدْخُلُ الْوَرَعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ سَوَّى بَيْنَ طَرَفَيْهَا، وَالْوَرَعُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالنَّدْبُ مَعَ التَّسْوِيَةِ مُتَعَذِّرٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ الْحِمْيَرِيُّ: يَدْخُلُ الْوَرَعُ فِي الْمُبَاحَاتِ، وَمَا زَالَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى الزُّهْدِ فِي الْمُبَاحَاتِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] وَغَيْرُهُ مِنْ النُّصُوصِ وَكُلٌّ مِنْ الشَّيْخَيْنِ عَلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ؛ إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي الْكَلَامِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا زُهْدَ فِيهَا، وَلَا وَرَعَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ هِيَ مُبَاحَاتٌ، وَفِيهَا الزُّهْدُ وَالْوَرَعُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ يَحُوجُ إلَى كَثْرَةِ الِاكْتِسَابِ الْمُوقِعِ فِي الشُّبُهَاتِ بَلْ قَدْ يُوقِعُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَكَثْرَةُ الْمُبَاحَاتِ أَيْضًا تَقْضِي إلَى بَطَرِ النُّفُوسِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْعَبِيدِ وَالْخَيْلِ وَالْخَوَلِ وَالْمَسَاكِنِ الْعَلِيَّةِ وَالْمَآكِلِ الشَّهِيَّةِ وَالْمَلَابِسِ اللَّيِّنَةِ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ صَاحِبُهَا مِنْ الْإِعْرَاضِ عَنْ مَوْقِفِ الْعُبُودِيَّةِ، وَعَنْ التَّضَرُّعِ لِعِزِّ الرُّبُوبِيَّةِ، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْفُقَرَاءُ أَهْلُ الْحَاجَاتِ وَالْفَاقَاتِ وَالضَّرُورَاتِ، وَمَا يَلْزَمُ قُلُوبَهُمْ مِنْ الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ لِذِي الْجَلَالِ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ مِنْ نَوَالِهِ وَفَضْلِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ أَنْوَاعَ الضَّرُورَاتِ تَبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ قَهْرًا، وَالْأَغْنِيَاءُ بَعِيدُونَ عَنْ هَذِهِ الْخُطَّةِ فَدُخُولُ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ فِي الْمُبَاحَاتِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُبَاحَاتٌ، وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْجِهَةِ الْأُولَى فِيهَا قَوْله تَعَالَى {كَلا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] وقَوْله تَعَالَى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [البقرة: 258] أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ فَلَوْ كَانَ النُّمْرُودُ فَقِيرًا حَقِيرًا مُبْتَلًى بِالْحَاجَاتِ وَالضَّرُورَاتِ لَمْ يَحْتَدَّ نَفْسَهُ إلَى مُنَازَعَةِ إبْرَاهِيمَ وَدَعْوَاهُ الْإِحْيَاءَ وَالْإِمَاتَةَ وَتَعَرُّضِهِ لِإِحْرَاقِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالنِّيرَانِ، وَإِنَّمَا وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْمَعَاطِبِ وَالْمَهَالِكِ بِسَبَبِ أَنَّهُ مَلِكٌ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ الْكُفَّارِ {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111] وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اتِّبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمُبَادِرِينَ إلَى تَصْدِيقِهِمْ إنَّمَا هُمْ الْفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ وَأَنَّ أَعْدَاءَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمُعَانِدَيْهِمْ إنَّمَا هُمْ الْأَغْنِيَاءُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} [الأحزاب: 67] .
وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا} [سبأ: 34] وَلَمْ يَقُلْ إلَّا قَالَ فُقَرَاؤُهَا فَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي خَلْقِهِ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ فِي هَذِهِ الدَّارِ هُمْ الْأَقَلُّونَ فِي تِلْكَ الدَّارِ، وَأَنَّ الْأَقَلِّينَ فِي هَذِهِ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست