responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 226
عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ عِنْدَهُمْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ كَالْكَافِرِ، وَعِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ فِي وَقْتٍ يَدْخُلُهَا غَيْرُ الْمُتَكَبِّرِينَ أَيْ فِي الْمَبْدَأِ، وَالنَّفْيُ الْعَامُّ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ إذَا اقْتَضَتْهُ النُّصُوصُ أَوْ الْقَوَاعِدُ وَالْكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ ذُنُوبِ الْقَلْبِ نَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - الْعَافِيَةَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ ذُنُوبِ الْقَلْبِ يَكُونُ مَعَهُ الْفَتْحُ إلَّا الْكِبْرَ، وَأَمَّا التَّجَمُّلُ فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا فِي وُلَاةِ الْأُمُورِ وَغَيْرِهِمْ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ الْوَاجِبِ فَإِنَّ الْهَيْئَاتِ الرَّثَّةَ لَا تَحْصُلُ مَعَهَا مَصَالِحُ الْعَامَّةِ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا إلَيْهَا فِي الصَّلَوَاتِ وَالْجَمَاعَاتِ وَفِي الْحُرُوبِ لِرَهْبَةِ الْعَدُوِّ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَفِي الْعُلَمَاءِ لِتَعْظِيمِ الْعِلْمِ فِي نُفُوسِ النَّاسِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ أُحِبُّ أَنْ أَنْظُرَ إلَى قَارِئِ الْقُرْآنِ أَبْيَضَ الثِّيَابِ وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا إذَا كَانَ وَسِيلَةً لِمُحَرَّمٍ كَمَنْ يَتَزَيَّنُ لِلنِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ لِيَزْنِيَ بِهِنَّ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا إذَا عَرِيَ عَنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ وَانْقَسَمَ التَّجَمُّلُ إلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَكَذَلِكَ الْكِبْرُ أَيْضًا قَدْ يَجِبُ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْحُرُوبِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُنْدَبُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ تَقْلِيلًا لِلْبِدْعَةِ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَالْإِبَاحَةُ فِيهِ بَعِيدَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّجَمُّلِ فِي تَصَوُّرِ الْإِبَاحَةِ فِيهِ أَنَّ أَصْلَ التَّجَمُّلِ الْإِبَاحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] فَإِذَا عُدِمَ الْمُعَارِضُ النَّاقِلُ عَنْ الْإِبَاحَةِ بَقِيَتْ الْإِبَاحَةُ، وَأَصْلُ الْكِبْرِ التَّحْرِيمُ، فَإِذَا عُدِمَ الْمُعَارِضُ النَّاقِلُ عَنْ التَّحْرِيمِ اُسْتُصْحِبَ فِيهِ التَّحْرِيمُ فَهَذَا فَرْقٌ، وَفَرْقٌ آخَرَ أَنَّ الْكِبْرَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، وَالتَّجَمُّلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوقَوْله تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ} [المائدة: 103] وَكَذَلِكَ بِدْعَةُ الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ اتَّخَذُوا الدِّينَ ذَرِيعَةً لِحِفْظِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُشَكُّ أَنَّهُ كُفْرٌ صُرَاحٌ.
وَمِنْهَا مَا هُوَ مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي لَيْسَتْ بِكُفْرٍ أَوْ يُخْتَلَفُ هَلْ هِيَ كُفْرٌ أَمْ لَا كَبِدْعَةِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنْ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ وَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِكُفْرٍ كَبِدْعَةِ التَّبَتُّلِ وَالصِّيَامِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ وَالْخِصَاءِ بِقَصْدِ قَطْعِ شَهْوَةِ النِّكَاحِ وَالْجِمَاعِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي إتْبَاعِ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالَ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْإِدَارَةِ وَالِاجْتِمَاعِ لِلدُّعَاءِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَذِكْرِ السَّلَاطِينِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّافِعِيُّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ
(وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) : أَنَّ الْمَعَاصِيَ مِنْهَا صَغَائِرُ، وَمِنْهَا كَبَائِرُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِكَوْنِهَا وَاقِعَةً فِي الضَّرُورِيَّاتِ أَوْ الْحَاجِيَّاتِ أَوْ التَّكْمِيلِيَّاتِ فَإِنَّ مَا كَانَتْ فِي الضَّرُورِيَّاتِ أَعْظَمُ الْكَبَائِرِ، وَمَا كَانَتْ فِي التَّحْسِينَاتِ فَأَدْنَى رُتْبَةً بِلَا إشْكَالٍ، وَمَا وَقَعَتْ فِي الْحَاجِيَّاتِ فَمُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ ثُمَّ إنَّ كُلَّ رُتْبَةٍ مِنْ هَذِهِ الرُّتَبِ لَهَا مُكَمِّلٌ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي رُتْبَةِ الْمُكَمِّلِ فَإِنَّ الْمُكَمَّلَ مَعَ الْمُكَمِّلِ فِي نِسْبَةِ الْوَسِيلَةِ مَعَ الْمَقْصِدِ، وَلَا تَبْلُغُ الْوَسِيلَةُ رُتْبَةَ الْمَقْصِدِ، وَأَيْضًا الضَّرُورِيَّاتُ إذَا تُؤُمِّلَتْ وُجِدَتْ عَلَى مَرَاتِبَ فِي التَّأْكِيدِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّ مَرْتَبَةَ النَّفْسِ لَيْسَتْ كَمَرْتَبَةِ الدِّينِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكُفْرَ مُبِيحٌ لِلدَّمِ وَأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الدِّينِ تُبِيحُ تَعْرِيضَ النَّفْسِ لِلْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ فِي الْأَمْرِ بِمُجَاهَدَةِ الْكُفَّارِ وَالْمَارِقِينَ عَنْ الدِّينِ، وَمَرْتَبَةُ الْعَقْلِ وَالْمَالِ لَيْسَتْ كَمَرْتَبَةِ النَّفْسِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَتْلَ النَّفْسِ مُبِيحٌ لِلْقِصَاصِ، فَالْقَتْلُ بِخِلَافِ الْعَقْلِ وَالْمَالِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا بَقِيَ، وَإِذَا نَظَرْت فِي مَرْتَبَةِ النَّفْسِ وَجَدْتهَا مُتَبَايِنَةَ الْمَرَاتِبِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَطْعَ الْعُضْوِ لَيْسَ كَالذَّبْحِ، وَأَنَّ الْخَدْشَ لَيْسَ كَقَطْعِ الْعُضْوِ.
وَهَذَا كُلُّهُ مَحَلُّ بَيَانِهِ الْأُصُولُ فَقَدْ ظَهَرَ تَفَاوُتُ رُتَبِ الْمَعَاصِي وَالْبِدَعِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّفَاوُتُ أَيْضًا فَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي الضَّرُورِيَّاتِ إخْلَالًا بِهَا وَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي الْحَاجِيَاتِ إخْلَالًا بِهَا وَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي التَّحْسِينَاتِ إخْلَالًا بِهَا وَمَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي الدِّينِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِرَاعِ الْكُفَّارِ وَتَغْيِيرِهِمْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ كَنِحَلِ الْهِنْدِ فِي تَعْذِيبِهَا أَنْفُسَهَا بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ الشَّنِيعِ وَالتَّمْثِيلِ الْفَظِيعِ وَالْقَتْلِ بِالْأَصْنَافِ الَّتِي تَفْزَعُ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَتَقْشَعِرُّ مِنْهَا الْجُلُودُ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ اسْتِعْجَالِ الْمَوْتِ لِنَيْلِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي زَعْمِهِمْ وَالْفَوْزِ بِالنَّعِيمِ الْأَكْمَلِ بَعْدَ الْخُرُوجِ عَنْ هَذِهِ الدَّارِ الْعَاجِلَةِ، وَمَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولٍ لَهُمْ فَاسِدَةٍ اعْتَقَدُوهَا وَبَنَوْا عَلَيْهَا أَعْمَالَهُمْ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي النَّسْلِ كَمَا فِي أَنْكِحَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي لَا عَهْدَ بِهَا فِي شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا غَيْرِهِ بَلْ كَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَا اخْتَرَعُوا وَابْتَدَعُوا وَهِيَ أَنْوَاعٌ مِنْهَا نِكَاحُ الِاسْتِبْضَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يُسْتَبْضَعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلَهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي الْعَقْلِ كَزَعْمِ بَعْضِ الْفِرَقِ أَنَّ الْعَقْلَ لَهُ مَجَالٌ فِي التَّشْرِيعِ، وَأَنَّهُ مُحَسَّنٌ وَمُقَبَّحٌ فَابْتَدَعُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي الْمَالِ كَاحْتِجَاجِ الْكُفَّارِ عَلَى اسْتِحْلَالِ الْعَمَلِ بِالرِّبَا بِقِيَاسٍ فَاسِدٍ كَذَّبَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 4  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست