responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 3  صفحه : 90
الْحَرَمَيْنِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَدْ نَذَرَ الْمَرْجُوحَ وَالنَّذْرُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَرْجُوحِ بَلْ فِي الْمَنْدُوبِ الرَّاجِحِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا وَنَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ يُقَالَ الصَّلَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَالْعُدُولُ فِيهَا عَنْ الصِّفَةِ الدُّنْيَا إلَى الصِّفَةِ الْعُلْيَا لَا يَقْدَحُ فِي مُوجَبِ النَّذْرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ خَلَقٍ أَوْ غَلِيظٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي لَا تَتَضَمَّنُ مَصْلَحَةً بَلْ هِيَ مَرْجُوحَةٌ فِي الثِّيَابِ فَتَصَدَّقَ بِثَوْبٍ جَدِيدٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الثِّيَابِ الْمَوْصُوفَةِ بِالصِّفَاتِ الْجَيِّدَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فَإِنَّ النَّذْرَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى الثَّوْبِ الْخَلَقِ وَرَدَ عَلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَصْلُ الثَّوْبِ وَالْآخَرُ صِفَتُهُ فَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِأَصْلِ الثَّوْبِ فَقُرْبَةٌ فَتَجِبُ.
وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِوَصْفِ الْخَلَقِ فَلَيْسَ فِيهِ نَدْبٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّذْرُ فَيُجْزِئُ ضِدُّهُ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لَمَّا نَذَرَ الصَّلَاةَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَدْ نَذَرَ الصَّلَاةَ مَوْصُوفَةً بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ «الصَّلَاةَ فِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ» وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ هِيَ بِعَيْنِهَا فِي الْحَرَمَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ خَمْسِمِائَةٍ أُخَرَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ (أَوْ يُقَالُ الصَّلَاةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَى قَوْلِهِ فَيُجْزِئُ ضِدُّهُ) قُلْت كَأَنَّهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ الْجَوَابِ رَامَ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ وَالصِّفَتَيْنِ فَفِي الْجِنْسَيْنِ لَا يَنُوبُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى بِخِلَافِ الصِّفَتَيْنِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَإِنَّهُ تَنُوبُ الصِّفَةُ الْعُلْيَا عَنْ الدُّنْيَا وَهَذَا الْوَجْهُ وَإِنْ كَانَ أَظْهَرَ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصِّفَةَ الدُّنْيَا لَيْسَتْ رَاجِحَةً فِي نَظَرِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَقْوَى أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ النَّذْرِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَالَ (فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لَمَّا نَذَرَ الصَّلَاةَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ نَذَرَ أَصْلَ الصَّلَاةِ مَوْصُوفَةً بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ) قُلْت لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِهِ هَذَا مِنْ الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ مَوْصُوفَةً بِخَمْسِمِائَةٍ صَلَاةٍ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى مَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا تَعْدِلُ خَمْسَمِائَةِ صَلَاةٍ لَيْسَ مِنْ أَوْصَافِ الْمَنْذُورِ حَقِيقَةً كَمَا فِي الثَّوْبَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْخَلَقِ بَلْ هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الْمَنْذُورِ إضَافَةً بِاعْتِبَارِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ وَتَنْظِيرُ الْوَصْفِ الْإِضَافِيِّ بِالْحَقِيقِيِّ فِيهِ مَا فِيهِ.
قَالَ (وَهَذِهِ الْخَمْسُمِائَةِ هِيَ بِعَيْنِهَا فِي الْحَرَمَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ خَمْسِمِائَةٍ أُخْرَى لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» ) قُلْت لَيْسَ وَالْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ هِيَ بِعَيْنِهَا الَّتِي فِي الْحَرَمَيْنِ مَعَ الزِّيَادَةِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ كَيْفَ وَالْأَفْعَالُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِاخْتِلَافِ كُلِّ فِعْلَيْنِ دَاخِلَيْنِ تَحْتَ جِنْسٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ لَيْسَتْ أَفْعَالًا وَاقِعَةً مِنْ الْمُكَلَّفِ بَلْ هِيَ جَزَاءٌ عَلَى فِعْلِهِ صَلَاةً وَاحِدَةً فِي الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَكُلُّ كَلَامِهِ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَلَا مُحَصِّلَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُجْزَى عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُجْزَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُخْتَلَفِ فِيهِ
(وَثَانِيهَا) أَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً وَاعْتِبَارُ النِّيَّاتِ فِي الْأَلْفَاظِ أَمْرٌ يَتْبَعُ اللُّغَةَ أَلَا تَرَى أَنَّ اللُّغَةَ لَمَّا لَمْ تُجَوِّزْ النِّيَّةُ فِي صَرْفِ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ إلَى الْمَجَازَاتِ امْتَنَعَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُطْلِقَ الْعَشَرَةَ وَتُرِيدَ بِهَا التِّسْعَةَ
(وَثَالِثُهَا) أَنَّهُ لَوْ صَحَّ دُخُولُ النِّيَّةِ فِي الْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ وَالتَّضَمُّنَ لَصَحَّ الْمَجَازُ فِي كُلِّ لَازِمٍ أَوْ جُزْءٍ الْمُسَمَّى بِالنِّيَّةِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَسَدَ يَلْزَمُهُ أَوْصَافٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْبَخَرِ وَالْحُمَّى وَالْوَبَرِ وَكِبَرِ الرَّأْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ التَّجَوُّزُ عَنْهُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الشَّجَاعَةِ خَاصَّةً وَلَا يَصِحُّ دُخُولُ النِّيَّةِ فِي غَيْرِهَا حَتَّى تُصْرَفَ لِلْمَجَازِ لِأَنَّا نَشْتَرِطُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَجَازِ وَهُوَ مَجَازُ الْمُشَابَهَةِ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْمُشَابَهَةُ أَظْهَرَ صِفَاتِ الْمَحَلِّ الْمُتَجَوَّزِ عَنْهُ فَافْهَمْ (وَحُجَّةُ الْمَالِكِيَّةِ) وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ وُجُوهٍ
(أَحَدُهَا) أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت أَكْلًا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْوِيَ بَعْضَ الْمَآكِلِ وَيُخْرِجَ الْبَعْضَ بِنِيَّتِهِ مَعَ أَنَّ أَكْلًا مَصْدَرٌ وَأَجْمَعَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ التَّصْرِيحَ بِهِ بَعْدَ الْفِعْلِ إنَّمَا هُوَ لِلتَّأْكِيدِ نَحْوُ ضَرَبْت ضَرْبًا فَإِنَّ الْفِعْلَ دَلَّ عَلَيْهِ فَذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ تَكْرَارًا لِذِكْرِهِ فَيَكُونُ تَأْكِيدًا وَحَقِيقَةٌ التَّأْكِيدِ تَقْوِيَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِلَّا لَكَانَ إنْشَاءً لَا تَأْكِيدًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ التَّأْكِيدُ مُنْشَأً كَانَتْ الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ مَعَهُ ثَابِتَةً قَبْلَهُ لَكِنَّ الثَّابِتَ مَعَهُ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ فَالثَّابِتُ قَبْلَهُ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ
(وَثَانِيهَا) أَنَّ النِّيَّةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ مَعَ قُوَّةِ الْمُعَارِضِ لَهَا فِي الْمُطَابَقَةِ إجْمَاعًا فَلَأَنْ تُعْتَبَرَ مَعَ ضَعْفِ الْمُعَارِضِ لَهَا فِي دَلَالَتَيْ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَكَوْنُ الْمُطَابَقَةِ أَقْوَى مُعَارِضٍ لِلنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِهَا ظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِهَا هِيَ الْأَصْلُ الْمَقْصُودُ بِوَضْعِ اللُّغَةِ وَغَيْرُهَا إنَّمَا يُفِيدُهُ اللَّفْظُ تَبَعًا لَهَا وَالْأَصْلُ أَقْوَى مِنْ التَّابِعِ
(وَثَالِثُهَا) أَنَّا وَجَدْنَا الِاسْتِثْنَاءَاتِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ دَخَلَتْ عَلَى اللَّوَازِمِ وَالْعَوَارِضِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَدْلُولِ الْمُطَابِقِيِّ وَلَفْظُ الِاسْتِثْنَاءِ إنَّمَا هُوَ فَرْعٌ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الَّذِي قُصِدَ لِأَجَلِهِ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّ اللَّفْظَ تَابِعٌ لِإِرَادَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ إفْهَامُ السَّامِعِ مَا فِي نَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ فَمَتَى دَخَلَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَدْلُولِ الْتِزَامًا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى دُخُولِ النِّيَّةِ قَبْلَهُ فِي الْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ، وَبَيَانُ

نام کتاب : الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق نویسنده : القرافي، أبو العباس    جلد : 3  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست